[مدة إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة المكرمة]
٦٠٦- أقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقية شهر رمضان يقصر من الصلاة فيصلى الأربع اثنتين، ويفطر، لأنه كان لا يزال مسافرا، ولم يعد نفسه فى مكة المكرمة وطنه الأصلى وهو مكة المكرمة، لأنه لم يبق له دار تعد بيته الأصلي، وقال ما أبقى لنا عقيل من دار، وقد استمر يترخص رخصة المسافر، لأنه لم ينونية الإقامة، فكان على سفره يترخص فى الصلاة والصيام معا.
وإن رمضان قد انتهى وهو بمكة المكرمة، فلم يكن محل رخصة الإفطار إنما كانت رخصة القصر قائمة وكان هو يؤم المصلين المقيمين. يقول بعد تمام الركعتين:«يا أهل البلد صلوا أربعا فإنا سفر» ، وقد اختلف فى مدة إقامة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فروى أنها خمس عشرة ليلة، وروى أنها ثمانى عشرة ليلة، وروى أنها تسع عشرة ليلة، والله أعلم بأصح الروايات.
[أحكام فقهية شرعت فى الفتح]
٦٠٧- أول حكم يتجه الفقهاء إلى الكلام فيه أن مكة المكرمة فتحت عنوة أم فتحت صلحا، فكثيرون من العلماء يقولون إنها فتحت عنوة، فتكون أرضها خراجية ولا تكون عشرية، لأن الجيوش الإسلامية دخلتها فاتحة، وقتل فيها قتلي، فقتل نحو عشرين منهم نحو اثنى عشر من المشركين، وبعض المؤمنين، وكان يؤمن بعضهم بأمان خاص من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، والأمان العام الذى قرره النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان ملاحظا معنى خاصا، وهو أن من دخل بيت أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق بيته فهو آمن، وبالمفهوم أن من رؤى فى غير بيته، وفى غير واحد من هذه البيوت، فإنه مباح الدم إلا بأمن خاص، وهذا يدل على أنهم حربيون، والحربيون حتى يصدر الأمان لا يقال إنهم فتحت أرضهم صلحا.
ولأنه لم يكن ثمة عقد صلح كان الأمان نتيجة له، ولأنه لم تفرض جزية على أحد من أهل مكة المكرمة، حتى يقال إنهم أعطوا الجزية، وإن أرض مكة المكرمة لم تكن خراجية، هذه وجهة نظر من قالوا إن مكة المكرمة فتحت عنوة.
ويرى الإمام الشافعى مع كثيرين من الفقهاء أن مكة المكرمة لم تفتح عنوة، بل فتحت صلحا مما سبق به النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من أنه أعطى الأمان لأهلها بقوله «من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن» فكان ذلك تأمينا عاما، ثم صرح عند أمن