للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن صعود جيش المسلمين إلى الجبل بعد أن أبعدهم المشركون فيصل بين الاضطراب في جيش المؤمنين، وبين إعادة الخطة، والسير على المنهاج من غير اضطراب، وحامل اللواء على كرم الله وجهه، ولذا أخذوا يضربون أقوى في المشركين بقيادة خالد بن الوليد، وينتصفون منهم، وقد زال عنهم وعث الجروح، وانتظم جيش النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولذلك أنهوا القتال وشيكا، ولم يستمروا خشية أن تدور عليهم الدائرة كما ابتدأ المسلمون يحسونهم بإذنه.

[فرحة أبى سفيان بالنصر القريب]

٤٢٧- أنهى أبو سفيان الحرب فرحا، راضيا بما وصل إليه، وإن لم يكن نصرا لهم وسحقا للمسلمين، ولكنه أدرك الثأر وكفى، والوقائع أقنعته بأن يكتفى بذلك، حتى لا يضيع من يده ما أخذ، وهو أنه ثأر، وأخذ ترته، وكفاه ذلك، ولم يقتلع المدينة المنورة، ولم يستطع أن يمنع أسباب مصادرة ماله وعيره، ولكن وقف يفاخر بما وصل إليه، وينادى المؤمنين، يقول:

أفى الجيش محمد؟ أفى القوم محمد؟ أفى القوم محمد؟ نادى ثلاثا، فنهاهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يجيبوه، ثم قال: أفى القوم ابن أبى قحافة؟ أفى القوم ابن أبى قحافة؟ ثم قال: أفى القوم ابن الخطاب، ثم أقبل على أصحابه، قال: أما هؤلاء فقد قتلوا وقد كفيتموهم فما ملك عمر نفسه فقال: كذبت والله يا عدو الله، إن هؤلاء لأحياء كلهم، وقد بقى لك ما يسوءك. فقال:

يوم بيوم بدر والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها، ولم تسؤنى.

ثم أخذ يرتجز فرحا: اعل هبل، اعل هبل.

فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ألا تجيبونه؟ قالوا: يا رسول الله وما نقول؟ قال قولوا:

الله أعلى وأجل، قال إن لنا العزى، ولا عزى لكم. قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:

ألا تجيبونه؟! قالوا يا رسول الله فما نقول؟ قال قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم.

[وصف المعركة في القرآن الكريم]

٤٢٨- وصف القرآن الكريم المعركة وصفا دقيقا، ووصف نفوس جيش النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وخصوصا الذين كانوا يطلبون المال في المعركة، وآثارهم فيها، فقال الله سبحانه وتعالى:

«هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ. وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ. وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها

<<  <  ج: ص:  >  >>