للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يكن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم محاربا، بل داعيا إلى الله، حيثما وجد إلى الدعوة سبيلا، فهو لا بد أن يقرب بالمودة داعيا هاديا مرشدا مهما تكن نفرتهم، فهو مطالب بإدناء القاصى، وإيناس النافر، مهما تكن الأحوال، فانتهز هذه الفرصة ليلتقى بهم، ويدعو بالحق فيهم.

ولقد لقى فعلا بعضهم، ودعاهم إلى الحق، وإن لم يكن فى داخل المسجد الحرام.

ولقد تزوج صلى الله تعالى عليه وسلم ميمونة بنت الحارث، تأليفا للقلوب وإدناء لها، بإشارة عمه العباس بن عبد المطلب، وهى أخت امرأته، ولذلك تولى هو صيغة الزواج مع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، إذ جعلت أمرها إلى أختها أم الفضل، وكانت هذه مع العباس رضى الله تعالى عنه فوكلت أم الفضل زوجها العظيم الذى شارك النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى صيغة العقد، ولم يكتف بذلك، بل دفع العباس صداق زواجها من ابن أخيه أربعمائة درهم، أثابه الله تعالى على محبته لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وحدبه العظيم عليه فى شدته بين قريش، وفى نصرته، بعد أن أدال الله من دولة الأوثان.

خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفاء بالعهد، واستجابة لقريش الذين رفضوا مودته، ولكنه خلف مولاه أبا رافع، ليكون مع زوجه أم المؤمنين ميمونة، حتى أتاه بسرف قرب التنعيم فوافى فيها زوجه، وبنى بها ثم عاد إلى المدينة المنورة فى ذى الحجة.

ولقد كانت هذه العمرة تأليفا وتقريبا، وإن حاول المشركون أن يبعدوا ولا يقربوا، وأن ينفروا ولا يتوادوا، ولكن كان منهم من لانوا للإسلام، واتخذوا سبيلهم للإيمان، وحسبك أن تعلم أنه كان عقب هذه العمرة إسلام خالد بن الوليد، الذى سمى سيف الإسلام، فكان سيفا مشهورا فى كل الحروب فى عهد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بعد ذلك، وفى عهد أبى بكر وأكثر عهد عمر رضى الله عنهم أجمعين.

[عمرة القضاء فى القرآن الكريم]

٥٦٤- كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد رأى رؤيا صادقة أنه سيدخل المسجد الحرام مع أصحابه محلقين رؤسهم ومقصرين، وقد كان بعد هذه الرؤيا صلح الحديبية، وما كان فيه، وتحلل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وقال عمر غضبان أسفا: ألم تعدنا بأن نطوف، فقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: ما وعدتك هذا العام، ولقد بين الله أن صدق الرؤيا كان فى عمرة القضاء، لا فى الحديبية، وإن كانت الحديبية أول الفتح، أو التمهيد له، فقال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>