للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكيدر هذا مرفه فاكه فى نعيم، عليه ديباج مخوص بالذهب فاستلمه خالد ليبعث به إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.

وقد راع الديباج أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وجعلوا يلمسونه بأيديهم، ويتعجبون، وقد لفتهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن افتنانهم بهذا الثوب الذى هو من نعيم الدنيا الذى يطغى وأخذ يدعوهم إلى نعيم الآخرة، فقال عليه الصلاة والسلام «أتعجبون من هذا، فوالذى نفسى بيده لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن من هذا» وقد عقد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مع أكيدر عقده على أن يقدم إليه الجزية.

ولقد روى الواقدى أنه كان مع أكيدر ألفا بعير، وأربعمائة درع وأربعمائة رمح. ومهما يكن من صحة هذه الرواية فإن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم خلى سبيله وعاد إلى قريته، ويظهر أنه ما خلى سبيله إلا على أساس الذمة، فيكون هو ومن معه على الذمة، كما ذكر الواقدى. ومما يذكر للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه كان يصطاد البقر، فى هذه الموقعة كانت البقر هى التى اصطادته لأنها دقت بقرونها الباب، فنزل من أعلى حصنه، فاصطاده جيش خالد، ثم كان عفو النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

وفى رواية البيهقى أن سرية خالد إلى أكيدر واستسلامه هى التى حملت يحنة صاحب أيلة على المجيء إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وعقده معه عقد الذمة.

[عودة المسلمين من تبوك]

٦٤٨- كانت غزوة تبوك غزوة مباركة، كانت الدعوة إلى الإسلام هى لبها وغايتها، ونهايتها، فقد نشر الإسلام بها فى شمال البلاد العربية، واستأنس به العرب فى هذه الأقاليم، وأخذ يسرى نوره فى الشام ذاته، مما كان تمهيدا لجيوش المسلمين لفتحه، حتى تكون المواقع من مواجهة بين الإسلام والرومان، والعرب، ومنهم عرب الشام، إذ غزوا باسم الإسلام.

وقد عاد النبى بعد ذلك إلى المدينة المنورة، ويقول ابن إسحاق أقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بضع عشرة ليلة لم يجاوزها، ثم انصرف قافلا إلى المدينة المنورة.

ويفهم من هذا أن مدة الإقامة بتبوك بضع عشرة ليلة لا تدخل فيها مدة السفر، ذهابا وأوبة، وقد ألف فى هذه المدة الناس، وعقد عقود ذمة، وأزال سطوات ناس ما كان يهمهم إلا الترف والصيد، وأوصل دعوة الإسلام إلى الأراضى المصاقبة للرومان لكيلا تكون لهم قوة منهم إذا اشتدت الشديدة، وقامت الحرب بين المسلمين والروم لتزول فتنة المسلمين فى بلادهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>