للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يخفى المؤلف وجوه الاعتراضات التى قد تأتى من جانب المفسرين البرهميين، بل ينقل عن بعضهم أنه وقف عند كلمة «أحمد» فالتمس لها معنى هنديا وحاول إن يجعلها تفيد أننى واحدى تلقيت الحكمة من ربى ... قال الأستاذ عبد الحق ما فحواه، أن العبارة منسوبة إلى البراهمي، (فانزا كانفا) من أسرة كنفا، ولا يصدق عليه أنه واحده متلقى الحكمة من أبيه» «١» .

[ويستفاد من هذا الكلام أمران:]

[أولهما:]

أنه ورد ذكر أحمد فى كتاب الفيدا كما ورد ذكر هذا الاسم الكريم فى التوراة والإنجيل.

[ثانيهما:]

أن البراهمة الذين حرفوا تعاليم هذه الديانة، التى كانت فى الأصل ديانة توحيد، حاولوا أن يحرفوا الكلم عن مواضعه، ويغيروا المعنى بتفسيرها بغير مجراها.

ولا شك أن التفسير التحريفى لهم يخالف ما يدل عليه الأصل كما قرر الأستاذ عبد الحق، وفوق ذلك فإن العبارة تفيد بنصها «أن أحمد تلقى الشريعة من ربه» ويخالفه التفسير المنحرف، فإن الذى تلقاه بالنص أحمد هو الشريعة وإنه تلقاها من ربه لا من ابنه، والفرق واضح بين الأب والرب إلا إذا كانوا يجعلون الرب أبا كما قال النصارى من بعدهم.

وقد يقول قائل إن البرهمية لم يأت بها رسول نزل عليه أمر من الله، وإن الجواب عن ذلك أن نصوص كتبهم تفيد كما ذكر البيروني، أن براهما كان مرسلا ولم يكن إلها، ولم يكن ابن إله، وقد نقلنا لك ما ذكره البيرونى فارجع إليه.

لقد جاء فى كتب الهنود كما قررنا تبشير بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، كما جاءت بكتب فيدا، التى اعتبرها الهنود أصلا لعبادتهم، ولقد ذكر الأستاذ عبد الحق أن وصف الكعبة ثابت فى كتب الاثار فافيدا، ويسميها الكتاب بيت الملائكة، ويذكر من أوصافها أنها ذات ثمانية جوانب، وأبواب تسعة، والأستاذ عبد الحق يعبر عن الأبواب بالأبواب المؤدية إلى الكعبة، وهى باب إبراهيم، وباب الوداع، وباب الصفا، وباب على، وباب عباس، وباب النبى صلّى الله عليه وسلّم، وباب الزيارة، وباب الحرم.

ويفسر الجوانب الثمانية، كما فسر الأبواب. فيذكر أنها جبال تكتنف البيت الحرام، وهى جبال خليج، وقيقعان، وجبل هندى، وجبل لعلع، وجبل كدا، وجبل أبى حديد، وجبل أبى قبيس.


(١) معالم النور للأستاذ المرحوم عباس محمود العقاد ص ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>