للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مكة المكرمة موطن تقديس لأجل الكعبة المشرفة:]

٤٤- وإن التاريخ الإنسانى العام جاء فيه ذكر مكة والكعبة، وقد ورد اسمها فى مصادر التاريخ اليونانية واسمها فى كتاب بطليموس الإسكندرى ماكورايا «١» . وإنها أقدم من ذلك، فإنها تمتد فى القدم إلى تسعة عشر قرنا قبل الميلاد، وذكره لها فى القرن الثانى بعد الميلاد، لا يومىء من قرب أو بعد، إلى أنها كانت غير موجودة قبل ذلك العصر، وليس إنشاؤها فيه إذ هو إخبار عن الموجود، وليس بيانا لوقت الوجود.

والمؤرخون بشكل عام ذكروا أنه كان فى غرب الجزيرة العربية أماكن للعبادة كانت فيها مكة، وما حولها من الصفا والمروة. وعرفات، والمزدلفة، ومنى كانت بالقرب منها، فإذا كان المؤرخون يذكرون أماكن للعبادة فى غرب الجزيرة العربية فهى هذه الأرض.

وقد جاء فى كتاب تاريخ الإسلام لجواد على: «قد ذهب أو غست ميل إلى أن المعبد الذى قال عنه ديودور الصقلى أنه معبد مشهور هو مكة» «٢» .

ويستفاد من هذا أمران:

أولهما: أن مكة كانت قائمة بشهادة التاريخ العام.

وثانيهما: أن الكعبة كانت بها، وكانت معبدا يفد إليه الحجيج من كل مكان من بلاد العرب، يقصدها القاصى والدانى من تلك البلاد.

٤٥- هذه شهادات المؤرخين بتقديس الكعبة فى القديم، وبمنزلتها عند العرب، واجتماعهم حولها مع تفرقهم منازع، وقبائل وعصبيات أحدثت حروبا مدمرة، ودماء مهراقة، مع ذلك يلتفون متحابين أو غير متحابين، ولا اخذين بثاراتهم احتراما للبيت، وتقديسا لهذه البنية التى زادها الله تعالى تكريما وتشريفا.


(١) حياة محمد للمرحوم الدكتور محمد حسين هيكل ص ٨٤.
(٢) جواد على ص ٤ ص ٥٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>