للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلطانهم، ولا مما كانوا عليه على ذلك جوار الله ورسوله، أبدا ما نصحوا وأصلحوا عليه غير منقلبين بظالم ولا ظالمين» .

فهذا كتاب آخر، وفيه عقد الذمة.

[ما يدل عليه أمر هذا الوفد]

٦٧٣- كان لنجران وفدان، كما رأيت، وكان ذلك لأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم دعاهم إلى الإسلام، أو العهد (عهد الذمة) على أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم، أو أن يقاتلوا، فجاؤا إليه فى وفدين، وكتب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كتاب عهد لكل وفد منهما.

ولعل السبب فى مجيء وفدين، اختلاف الكنائس، وإن لم يكن ثمة اختلاف فى المذهب، وإن كان فإنه لا يكون مفرقا بينهم فتعددوا.

وإن هذا الوفد وغيره سواء تعددوا أم لم يتعددوا يدل على أن الإسلام أخذ ينشر نفسه بدعوته من غير حرب، وما كان للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يحارب قوما اعتزلوا حربه وألقوا إليه السلم، فما كان القتال، كما يبدو من أخباره، لأجل خلاف الدين، إنما كان لحماية الدعوة لتصل إلى الشعوب، فلا يحاجز بينهم وبينها أمراء أو ملوك، أو أحبار ورهبان، بل تكون وجوههم لله تعالى، يختارون فى الأديان ما يرونه حقا، ولأنه، لا بد أن يسمع الناس دعوة الحق (الدعوة الإسلامية) من غير إرهاق أمير، أو إغراء زعيم دينى أو غير دينى.

ولقد كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يرحب بهذه الوفود، ويبش لهم إلا أن يجد فيهم أمرا من شأنه أن يكون مفرقا بين الجماعات. بحيث يحنق الفقير، ويرمض قلبه، فلم يبش فيمن يدخلون عليه بزينة من الحرير محلى بالذهب، كما كان يخرج قارون على القوم بزينته.

ولحسن لقاء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان يستقبلهم فى المسجد وإن فعل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يدل على جواز أن يدخل الكتابى المسجد، وإنى لا أرى بأسا فى أن يدخل غير الكتابى لأجل سماع العلم الإسلامى، وعقد المعاهدات كما كان يفعل عمر.

وإن دخولهم المسجد حسن، إذ يرون المسلمين يؤدون الصلوات ويقومون بالفرائض، ويحيطون بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم إحاطة الدائرة بقطرها. إن ذلك من شأنه أن يؤثر فى نفوسهم فيستجيبوا لداعى الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>