للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ملتهم، ولا يغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته.. وكل ما تحت أيديهم من مال، وليس عليهم ريبة، ولا دم جاهلية، ولا يحشرون، ولا يعشرون، ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين، ومن أكل ربا من ذى قبل فذمتى منه بريئة، ولا يؤخذ رجل منهم يظلم آخر ... وعلى ما فى هذه الصحيفة جوار الله، وذمة محمد النبى رسول الله، حتى يأتى الله بأمره ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير مثقلين بحرب» .

وقد شهد هذه الوثيقة من حضر مجلس النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، منهم أبو سفيان بن حرب وغيلان بن عمرو، ومالك بن عوف، والأقرع بن حابس الحنظلى، والمغيرة بن شعبة.

هذا كتاب ذمة إذا بقوا على نصرانيتهم، أما إذا اختاروا أو بعضهم الإسلام دينا فإنه من يختار الإسلام يأخذ حكم المسلمين، ولا يكون ثمة فرق بينه وبين المسلمين.

وإن من أساقفة نجران ورهبانهم من دخل فى الإسلام معترفا بأنه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم المنتظر من أولاد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام له ذلك.

ومن الرهبان من مال إلى الإسلام، وأراد الذهاب إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وذهب إليه وأهداه بردا، وكانت رغبته فى الحضور للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يرى كيف ينزل الوحى. وأن يعلم الفرائض والحدود والسنن، ومع ذلك أبى الإسلام، واستأذن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يرجع إلى قومه. وقال إن لى حاجة ومعادا إن شاء الله تعالى، ولكنه لم يرجع حتى قبض النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ويظهر أن ذلك كان فى السنة العاشرة.

هذا وإن السيد، والعاقب، وأبا الحارث الذين ذكرناهم فى أول البحث فى وفد نجران، قد مكثوا عند النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يستمعون إليه ويتعرفون حاله، وهم غير وفد شرحبيل، وكأنه وفد من نجران وفدان لتعدد أقاليم نجران، وكنائسهم، واختلاف أساقفهم.

ومهما يكن فإن وفد أبى الحارث الذى فيه السيد والعاقب قد غادر المدينة المنورة ومعهما كتاب من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هذا نصه:

«بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبى إلى الأسقف أبى الحارث، وأساقفة نجران، وكهنتهم ورهبانهم، وأهل بيتهم، ورقيقهم وملتهم، وعلى كل ما تحت أيديهم من قليل وكثير جوار الله ورسوله، لا يغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته، ولا يغير حق من حقوقهم، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>