للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما أصبح الغد أقبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعدما أخبرهم بالمباهلة. مشتملا على الحسن والحسين رضى الله عنهما فى خميل له، وفاطمة تمشى وراءه وله يومئذ عدة نسوة ولم يختر واحدة منهن، وكان الوفد غير الثلاثة الذين ذكرناهم كما أشرنا فى صدر كلامنا عن نجران، مع رئيسه شرحبيل لا تصدر نجران إلا عن رأيه. وعندما طلب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم المباهلة قال:

«إن الوادى إذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يصدر إلا عن رأيى، وإنى والله أرى أمرا مقبلا وأرى والله إن كان هذا الرجل ملكا، كنا أول العرب طعن فى عينه، ويرد عليه أمر لا يذهب من صدره، ولا من صدور قومه، حتى يصيبونا بجانحة.

وإن كان هذا الرجل نبيا مرسلا، فلاعناه، فلا يبقى على وجه الأرض ساحرة، ولا ظفر إلا هلك، ثم ذكر رأيه فقال: إنى أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا.

لقى شرحبيل الذى لا يصدرون إلا عن رأيه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال له: «إنى رأيت خيرا من ملاعنتك، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: وما هو؟ قال شرحبيل:

أحكمك اليوم إلى الليل وليلته إلى الصباح، فمهما حكمت فينا فهو جائز.

فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مستوثقا من نفاذ حكمه عليه وعلى من وراءه: لعل وراءك أحدا يثرب عليكم. فقال: صاحبى (صاحبان له كانا فى مجلس القول) قالا: ما يريد الوادى ولا يصدر إلا عن رأيه. حكم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فكان الحكم هو هذا الكتاب الذى أعطاهم إياه.

«بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما كتبه محمد النبى (صلى الله تعالى عليه وسلم) لنجران، إن كان عليهم حكمه، فى كل ثمرة، وفى كل صفراء وبيضاء وسوداء، ورقيق، فأفضل عليهم، وترك ذلك كله، على ألفى حلة، فى كل رجب ألف حلة. وفى كل صفر ألف حلة، وكل حلة أوقية ما زادت على الخراج أو نقصت على الأواقى فبحساب، وما قضوا على دروع أو خيل أو ركاب أو عرض أخذ منهم ليحاسبه.. وعلى نجران مثواه رسلى بها عشرين فدونه، ولا يحبس رسول فوق شهر، وعليهم عارية ثلاثين درعا، وثلاثين فرسا، وثلاثين بعيرا، وإذا كان كبير باليمن وما هلك مما أعاروا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من دروع أو خيل أو ركاب، فهو ضمان على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، حتى يؤديها عليهم.

ولنجران جوار الله تعالى وذمة محمد النبى (صلى الله تعالى عليه وسلم) وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم، وعشيرتهم وتبعهم، ألا يغيروا مما كانوا عليه، ولا يغير حق من حقوقهم ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>