للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد روى ابن إسحاق عن عبد الله بن عباس أنه اجتمع نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقالت الأحبار ما كان إبراهيم إلا يهوديا، وقالت النصارى ما كان إبراهيم الا نصرانيا، فأنزل الله عز وجل: يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ، وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ. ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ، فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا، وَلا نَصْرانِيًّا، وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً، وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ، وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ

(آل عمران: ٦٥: ٦٨) .

وقال بعض أحبار اليهود: أتريد منا يا محمد أن نعبدك، كما تعبد النصارى عيسى بن مريم.

وقال رجل من نصارى نجران: أو ذلك تريد يا محمد وإليه تدعونا.

فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: معاذ الله أن أعبد غير الله، أو آمر بعبادة غير الله، ما بذلك بعثنى الله، وأمرنى، فأنزل الله عز وجل: ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ، ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ: كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ، وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ. وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً، أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (آل عمران: ٧٩: ٨٠) .

ثم ذكرهم عليه الصلاة والسلام ما أخذ عليهم وآبائهم من الميثاق بتصديقه، وإقرارهم به على أنفسهم، فتلا قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ...

إلى آخر الآيات (آل عمران: ٨١) وآخر سأل عن عيسى بن مريم وآخر مثله فأجيبوا بأنه رسول من عند الله وتلا عليهم ما جاء بالنسبة لعيسى عليه السلام فى سورة آل عمران من أولها إلى ثمانين آية من السورة.

بعد ذلك أخذ النصارى يسألون أسئلتهم، قالوا: ما تقول فى عيسى فإنا نصارى، يسرنا إن كنت نبيا أن نعلم ما تقول فيه، فتلا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قوله تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ، وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ، ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (آل عمران: ٥٩: ٦١) فأبوا أن يقروا بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>