للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم من بعد ذلك كانت المجاهرة الكاملة التى تشق الصفوف المشركة بنور الحق، وإشراق الإخلاص، إذ أمر الله تعالى أمرا جازما قاطعا إذ قال تعالت كلماته فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ «١» .

وقد أخذ عليه الصلاة والسلام من بعد نزول هذه الاية يجاهر المشركين، ويجادلهم بالقران الكريم، ويصابرهم فى اطمئنان المؤمن بالحق فيما يدعو إليه، يجادلهم بالقران الكريم يتلوه عليهم، ويتحداهم أن يأتوا بمثله، وهم يتهددونه وينذرونه وأهله، ويقاطعون بنى هاشم، إلى اخر ما سنقرر من بعد.

وبنو هاشم ما عدا أبا لهب ومعهم بنو المطلب يسيرون معه صفا واحدا اعتبارا للقرابة عند الأكثرية منهم ولأجل الحق عند غيرهم.

حتى إذا مات أبو طالب الذى كان عالى الصوت باسم القرابة والمحبة، أخذ محمد عليه الصلاة والسلام يدعو القبائل فى مواسم الحج، وفى وفودها، حتى إذا صار للإسلام الكلمة العليا فى الجزيرة العربية فاضت الواحدانية بالنور على من وراء البلاد العربية إلى الأقاليم التى تصاقبها إقليما بعد إقليم.

[أول من أسلم]

٣٠٨- اتجه محمد عليه الصلاة والسلام إلى تكوين الخلية الأولى للإسلام، فاتجه إلى الذين يعاشرونه ابتداء،. وكان يعاشره ثلاثة: أولهم أم المؤمنين خديجة، السكن، والمواسية، والحانية، والرقيقة، وأم أولاده، والرفيقة الرؤم، والثانى على بن أبى طالب، وقد كان فى كلاءة النبى عليه الصلاة والسلام وكفالته، وهو له المؤدب والمربي، ذلك أن أبا طالب كان كثير العيال قليل المال، وعند ابن أخيه محمد عليه الصلاة والسلام فضل يسار ومال من عمله فى التجارة فى مال خديجة، وعند العباس عمه مال وفير، إذ كان من أثرياء قريش.

ولقوة إحساس محمد صلى الله عليه وسلم وصلة رحمه وما عنده من مودة فى القربى ذكر حال عمه للعباس واقترح أن يأخذ كل منهما ولدا من أولاد أبى طالب يكفله، فكان من نصيب محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على كرم الله وجهه، وعندما جاءت الدعوة الإسلامية، ونزل الوحى الإلهى كان على فى العاشرة.

وثالث الثلاثة زيد بن حارثة بن شرحبيل، وكان عربيا من بنى كلب.


(١) سورة الحجر: ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>