للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليك، وقد بعث لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، ثم نادانى ملك الجبال، فسلم على ثم قال:

يا محمد- صلى الله عليه وسلم- قد بعثنى الله، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال قد بعثنى إليك ربك لتأمرنى ما شئت، إن شئت فأطبق عليهم الأخشبين (جبلين بمكة المكرمة) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله» «١» .

استجاب الله تعالى لدعاء نبيه، وقد ذكر فى دعائه ضعف قوته، فبين الله تعالي بأنه يضع في يده كل القوى، وأنه لا يمكن أن يهون عند الناس، والله تعالى معه، وأنه لم يتركه لعدو، ولا ولى، بل إن أمره عليه الصلاة والسلام إلى الله سبحانه. وهو القاهر فوق عباده. فمن كان مع الله تعالى لا يهون أبدا.

[سماع الجن له:]

٢٩١- كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم حفيا بأن يتبع الناس دعوة الحق، ويؤمنوا بالله ورسوله ويتركوا عبادة الأوثان، وكما قال الله تعالى مخاطبا نبيه الكريم لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ «٢» ولقد شكا أن قومه لا يتبعون، وأن غيرهم كمثلهم، فبين الله تعالى أنه إذا كان الذين اتبعوه من قومه عددا قليلا، فإن له أتباعا من الجن، فبين الله تعالى أن بعض الجن قد استمعوا، واستجابوا ولم يكفروا فقال تعالى مخبرا عن سماعهم فيما يروى الرواة بعد خروجه من الطائف، وما نزل به، قال الله سبحانه وتعالى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ. قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ. يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ. وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ «٣» .

وقال الله تعالى فى سورة الجن: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً. وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً. وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً. وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً. وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً «٤» .


(١) البداية والنهاية: ٣ ص ١٣٧.
(٢) سورة الشعراء: ٣.
(٣) سورة الأحقاف: ٢٩- ٣٢.
(٤) سورة الجن: ١- ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>