للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وفد بني عامر]

٦٦٠- أخذت وفود العرب التى وصل إليها الإسلام تجيء وفدا بعد آخر، منهم من يعلن إسلامه ويتلقى تعاليمه بالمدينة المنورة، ومنهم من كان فيه شك، أو عنجهية جاهلية. أو لا تزال الوثنية فى قلوبهم فيتلقاهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالموعظة الحسنة وتأليف قلوبهم، وبعضهم جاء إقرارا بالخضوع لمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم يهداهم ويرشدهم، وينقذهم من الضلال.

روى البيهقى فى دلائل النبوة أن وفد بنى عامر إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قالوا له: أنت سيدنا وذو الطول علينا، فقال عليه الصلاة والسلام: لا يسخرن بكم الشيطان السيد هو الله.

لقد جاء ذلك الوفد مسلما، ولكن كان فيه عامر بن الطفيل يريد غدرا ولا يريد إسلاما، وقد نهاه قومه عما يريد، وقالوا له: يا عامر إن القوم قد أسلموا. فقال: والله لقد كنت آليت، ألا أنتهى حتى تتبع العرب عقبى، وأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش.

ثم قال لمن دبر أمر الغدر معه وهو أربد: إذا قدمنا على الرجل فإنى شاغل عنك وجهه، فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف.

فلما قدموا أمر عامر أن ينفذ الغدر، فقال مواجها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: «يا محمد خاللنى، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لا.. حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له» .

أبى عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يكون له خليلا، حتى يكون مؤمنا، فلم يذعن للإيمان بل انتقل إلى التهديد، وكأن المخاللة تجيء بالنصر والقهر، فقال: أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا.

فلما ولى قال الذى يعصمه الله من الناس: اللهم اكفنا عامر بن الطفيل.

فقد خذله صاحبه أربد، فلم يعل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عليه بالسيف، فقال له:

ويحك يا أربد، أين ما أمرتك به؟ فقال: والله ما كان وجه الأرض أخوف على نفسى منك، وأيم الله لا أخافك بعد اليوم، ثم قال أربد: لا أنا لك لا تعجل على، فو الله ما هممت بالذى أمرتنى به إلا دخلت بينى وبينه فأضربك بالسيف، وهكذا وقى الله تعالى رسوله عليه الصلاة والسلام بأن كانت صورة أربد قاتله بينه وبين النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>