ثالثها: أن اليهود المقيمين فى ظل الدولة الإسلامية فى أحكام العقود وشروط صحتها كالمسلمين، فلا يمكن أن يخالفوها، وهى مطبقة عليهم، وعلى المؤمنين على سواء، عملا بالقاعدة الإسلامية العادلة «لهم ما لنا وعليهم ما علينا» .
[علة القياس فى الأموال الربوية:]
٥٥٣- هذه هى الحكمة، وهى المصلحة الاجتماعية والإنسانية فى بطلان البيع إلا مثلا بمثل يدا بيد وإن هذه الأموال التى ذكرت تحريم الفاضل فيها معلولة، أى أن الحكم يشتمل على هذه الأشياء المذكورة، وعلى غيرها مما يكون فى معناها، كالزيوت، والذرة، وغيرها مما يتحقق فيه معناها الذى اعتبر سببا للتحريم، أو علة له.
والفرق بين العلة والحكمة أن الحكمة هى المصلحة الثابتة التى تكون وصفا مناسبا للحكم، وغاية له يتعرفها المكلف مما احتوى عليه الأمر التكليفى.
والعلة هى الوصف المنضبط الذى يتحقق فى الأمر الذى جاء به التكليف، وكانت الحكمة متحققة فيه غالبا، فالفرق بينهما هو الانضباط، وأن العلة تكون وعاء للمصلحة التى هى العلة.
وقد اتفق الفقهاء الذين يقيسون الأمور غير المنصوص على حكمها على الأمور المنصوص على حكمها، اتفقوا على الحديث الشريف الوارد فى تحريم الأصناف المذكورة، والمروية بروايات مختلفة معلل المعنى وليس نصا تعبديا مقصورا على موضعه، وكذلك كل الأمور المتعلقة بمعاملات الناس، فالنصوص معللة أى تثبت فى كل موضع تثبت فيه العلة، قد اتفق الفقهاء على أن علة التحريم فى النقدين الذهب والفضة بأن لا بيع فيها إلا بالمثل يدا بيد هو الثمنية، وكونها ميزانا لقياس قيم الأشياء، ومقدار ما فيها من نفع يشبع حاجات الناس، فكل ما يتحقق فيه الثمنية يجرى فيه حكم الذهب والفضة.
وكان الاختلاف بين فقهاء القياس فى علة التحريم فى غيرهما، فقال أبو حنيفة وأصحابه: علة التحريم اتحاد التقدير بالكيل أو الوزن واتحاد الجنس، فالذرة بالذرة مثلا بمثل يدا بيد، لاتحاد الكيل واتحاد الجنس، وكذلك الزيت بالزيت، وحينئذ يحرم التفاضل، ويحرم تأجيل أحد العوضين، وكل ذلك فى الأمور التى يقر العرف التفاوت فيها كالحديد ونحوه، فإن التفاضل والتأجيل يجوز.
فأبو حنيفة رأى أن تكون العلة أمرا ماديا ظاهريا يصلح أن يكون جامعا بين الأمرين، والشافعى نظر فى غير الأثمان إلى كونه مطعوما، فجعل العلة فى منع التفاضل كونه مطعوما، إذ التفاضل فيه يؤدى إلى أن تحتكر الأطعمة فى يد منتجيها أو المستولين عليها، لأنه إذا جرى فيها التفاضل فى التعامل بها، بأن يبيع