للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سرايا بعد خيبر]

٥٥٧- بعد غزوة خيبر، وما تبعها من وادى القرى وتيماء، ما كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من حرب غير تعرف لاختبارها، وما يجرى فيها بعد الحديبية، ولقد تم كسر الشوكة اليهودية، والقضاء على القوة العسكرية اليهودية فى البلاد العربية، ومنعهم من أن يعملوا على بث العداوة والبغضاء بين العرب، وتحريض أعداء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا بد أن يكون بث سراياه حول مكة المكرمة، أو على مقربة منها، ليتعرف أخبارها وأحوالها فى مدة العقد، ولكى ينبذ إليهم عهدهم إن ثبت لديه منهم خيانة، أو استعداد لها، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يأخذ للأمر أهبته قبل أن يقع عند توقعه، ولكنه لا يغدر، ولا يخيس فى عهوده مبتدئا.

ولذلك أخذ يبعث السرايا فى داخل الصحراء، وعلى مقربة من مكة المكرمة.

[سرية أبى بكر الصديق إلى فزارة]

٥٥٨- يروى الإمام أحمد فى مسنده أنه بعث النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أبا بكر الصديق فى سرية إلى بنى فزارة، ولم يكن أبو بكر رضى الله تعالى عنه رجل الحرب، وإن كان من المجاهدين فى الصف الأول. ولكنه رجل رأى وتدبير، ومعرفة بحال العرب، وهو المدرك عند تعرف أحوال العرب، فيما يحيط بما يقرب من مكة المكرمة وما حولها.

وقد سار الصديق رضى الله تبارك وتعالى عنه بمن معه، حتى كان ببنى فزارة، فنزل عند الماء، وكان ذلك ليلا، ليباغتهم، فلما صلى الصبح بالمؤمنين معه شن الغارة بأصحابه، فقتلوا من بالماء وحالوا بينهم من النساء والرجال والذرية من فزارة، وبين الجبل الذى يكتنفهم، ورموا بالسهام بينهم وبينه لكيلا يجتازوا مكانهم.

وتتبعوهم حتى ساقوهم إلى أبى بكر عند الماء، وفيهم امرأة وابنتها، فنفل أبو بكر الابنة، وكانت ذات جمال، ولم ينل من هذا النفل شيئا حتى وصل إلى المدينة المنورة حيث يوزع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فلم يكشف ثوبا للفتاة.

ذهب إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالجارية، فقال له النبى صلى الله تعالى عليه وسلم:

هب المرأة لى، فقال له: يا رسول الله لقد أعجبتنى، وما كشفت لها ثوبا، فسكت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتركنى، حتى إذا كان من الغد قال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما قال، ورد هو بما كان، وتكرر ذلك مرة أخرى من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومنه، حتى انتهى الأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>