للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخرج السهم الذى أكره، وكنت أرجو أن أرده على قريش، فاخذ مائة الناقة،. فركبت على أثره، فبينما فرسى يشتد عثر بي، فسقطت عنه، فقلت: ما هذا، ثم أخرجت القداح فاستقسمت بها، فخرج السهم الذى أكره، فأبيت إلا أن أتبعه، فركبت فى أثره فبينما فرسى يشتد عثر بي، فسقطت عنه فقلت ما هذا ثم أخرجت قداحى فاستقسمت بها، فركبت فى أثره، فلما بدا القوم ورأيتهم عثر بى فرسي، فذهبت يداه فى الأرض، وسقطت عنه، ثم انتزع يداه من الأرض وتبعهما دخان كالإعصار، فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد منع عني، وأنه ظاهر، فناديت القوم، فقلت: أنا سراقة بن جعشم، أنظرونى أكلمكم، فو الله لا أريبكم، ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وماذا تبغي منا؟

قلت: تكتب كتابا يكون بينى وبينك» .

يلاحظ أنه ذكر له ما كان يسعى إليه، ولكنه عندما رأى ما رأى، وعلم اليقين فى الرسالة، استوثق من أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم منصور بأمر الله تعالي.

فكتب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتابا، ثم ألقاه إليه.

وقد استمر سراقة حافظا لهذا الكتاب، حتى جاء الفتح المبين بفتح مكة المكرمة، ثم فرغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حنين والطائف ذهب سراقة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالكتاب، ويقول فى ذلك «دنوت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فرفعت يدى بالكتاب، وقلت يا رسول الله، هذا كتابك لى، أنا سراقة بن جعشم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «هذا يوم وفاء» .

أعلن سراقة إسلامه، ويظهر أنه كان مؤمنا بصدق النبى صلّى الله عليه وسلّم من يوم أن رأى ما رأى، ولذلك أراد أن يأخذ هذا الكتاب.

وقد سأل النبى صلّى الله عليه وسلّم عن سقى الإبل الضالة قائلا: الضالة من الابل يغشى حياضى، وقد ملأتها الإبل هل لى من أجر فى أن أسقيها؟

قال الرسول عليه الصلاة والسلام الرحيم: «نعم فى كل ذات كبد حرى أجر» .

ولقد حسن إسلامه فرجع إلى قومه، وساق إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صدقته.

[الركب يسير فى طريق وعر:]

٣٢٧- لم تكن الرحلة المباركة سهلة، لأن الطريق فى الصحراء، ليس سهلا فى ذاته، بل هو طريق وعث تجتاز فيه الرمال والوهاد والاكام، وقد اختار الدليل طريقا هو أشد طرق الصحراء وعورة، وذلك لكيلا تتبعهم قريش إذا سار فى الطريق الذى ألفوا السير فيه، وقد يكون معبدا إلى حد مناسب للصحراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>