للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قبلوا كلامه من غير استنكار ولا رد، ورحبوا بعثمان رضى الله عنه، وعرضوا عليه أن يطوف بالبيت آمنا مطمئنا.

ولكن عثمان أبى أن يطوف، ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم غير ممكن من الطواف.

فقال ذو النورين التقى عثمان: ما كنت لأطوف حتى يطوف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.

وبذلك أدى عثمان رسالة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولكنهم استبقوه، لا ليؤذوه، ولعل ذلك لاستشارته أو الاستفسار منه، أو ودا ومحبة، أو حفاوة وتكريما.

وعندئذ راجت الأقوال بين المسلمين بأن عثمان قتل، وتبلبلت الأفكار واضطربت النفوس ووجدت عزمة القتال، ولم يكن مرادا ابتداء ولا مقصودا.

[بيعة الرضوان]

٥٠٨- خرج النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه من المدينة يريدون الحج ولم يريدوا قتالا، ولما غاب عثمان رضى الله عنه في مكة المكرمة، وشاعت القالة بأنه رضى الله تعالى عنه قد قتل، ولم يكن ذلك بعيد الاحتمال، أخذ أهبته للقتال لأن الاعتداء وقع بقتل الرسول، وهو رسول سلام أمر منكر وقبيح في ذاته، وفوق ذلك يتضمن في ذاته رفضا للسلام واعتداء على من أرسله، إذ الرسول لا يقتل، ولكن يرد إلى مأمنه، سواء أرفضوا الرسالة أم قبلوها.

لا بد إذن من الأهبة، وما خرجوا للقتال، فلا بد من أخذ البيعة به، لأن القتال برضا الجند، وتلك سنة نبوية في كل حروبه عليه الصلاة والسلام، فإنه يريد جندا مختارا يقدم نفسه برضا واختيار، محتسبا النية لله تعالى. طالبا ما عند الله.

لذلك أخذ البيعة على من معه، وكان يبايعهم على الموت، وعلى ألا يفروا من الميدان، لأن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم قرر القتال، وقال: لا نبرح حتى نناجز القوم، لأنهم بقتلهم ذا النورين عثمان يكونون قد رفضوا السلام.

كانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فبايع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كل من معه، ولم يتخلف عن البيعة أحد إلا واحد، وما كان ليلتفت إليه.

ولقد رضى الله عن أولئك الذين قبلوا أن يغيروا ملابس الإحرام ويلبسوا ملابس القتال، وقال الله تعالى فيهم: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَعَلِمَ ما فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>