بأنفسهم، بل الأمر لغيرهم فليصلحوا ذات بينهم، ولا يصح أن تكون المادة مفرقة بينهم، وقد جمعهم الحق وجمعهم الجهاد في سبيله..
وما الذى اتبعه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في قسمة الأنفال، فقال بعض الرواة إنه قسمها بين المجاهدين بالسوية، إذ لم يكن حكم تخميس الغنائم قد نزل في قول الله سبحانه وتعالى:
فالنبى عليه الصلاة والسلام على رواية هؤلاء وزع بالسوية بين كل المجاهدين، لأنه لم يكن ما يوجب التفاوت، ولا دليل يرجح طائفة على أخرى.
ويرى ابن كثير أن التوزيع كان حسب التخميس الذى نص عليه قول الله سبحانه وتعالى:
وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ الآية، لأنها متصلة الواقعة، فالأمر في التوزيع كان إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى رسوله عليه الصلاة والسلام على حسب هذا الحكم الذى شرعه الله تعالى، فاية الغنائم متصلة بأول السورة التى أشارت إلى التوزيع، وفوق ذلك فإن الآية تشير إلى أن ذلك ما أنزله الله سبحانه وتعالى يوم التقى الجمعان يوم الفرقان.
ولقد روى أن عليا ذكر أن الناقتين اللتين نحرهما عمه حمزة، وهو شارب كانتا من خمسه في الغنائم، ونحن نميل إلى ما اختاره الحافظ ابن كثير.
[أثر المعركة في المدينة المنورة]
٣٩٢- كان أثر المعركة في العرب عامة بعيد المدى، فقد سارت الركبان في الصحراء العربية بهزيمة قريش على يد طريدها الذى أخرجته وأصحابه من ديارهم وأموالهم، لأنه ينكر الوثنية، ويدعو إلى الوحدانية ويقول إنه يوحى إليه من عند الله سبحانه وتعالى، فكان ذلك النصر منبها للعرب بحقيقة الدعوة المحمدية وسلامتها وقوتها، فوهنت العقيدة الوثنية بين العرب، وأخذت عقول تدرك الحقائق وتطرح الأوهام التى نسجها الخيال الضال حول الأحجار، وبذلك صارت كلمة الله سبحانه وتعالى هى العليا، وكلمة الشرك هى السفلى، وكان يوم الغزوة بحق يوم الفرقان، إذ فرق فيه الناس وانتقل المسلمون من مستضعفين في الأرض إلى أقوياء يكاثرون الناس بقوتهم، كما قال الله سبحانه وتعالى: