للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً. وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ، وَاتَّقِ اللَّهَ، وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ، وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ (الأحزاب- ٣٦، ٣٧) ، والذى أخفاه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم هو أمر الله تعالى له بالزواج منها بعد طلاقها، وأن الله تعالى قدر له أن يطلقها، وهذا هو الذى أبداه فلا حب ولا عشق، والذى كان يخشاه من الناس أن يصدعهم بالزواج من امرأة دعيه، وذلك أمر غير مألوف عندهم، وكان يجب أن يخشى الله تعالى ولا يخشى الناس، لأن إرضاء الناس بغير الحق لا يجوز من داعية إلى الحق صادع به.

ثم يقول سبحانه وتعالت كلماته في الأمر الذى أبداه فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (الأحزاب- ٣٧) . ولقد بين سبحانه من بعد ذلك أن الزواج بأمره سبحانه، وأنه ليس على النبى من حرج في تنفيذ أمر الله تعالى، همس الناس، أو صمتوا، فقال تعالت كلماته: ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ، سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ، وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً. الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ، وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً. ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ، وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ، وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (الأحزاب- ٢٨، ٤٠) .

وبهذه النصوص ثبت تحريم التبنى، وعدم الاعتراف به في الإسلام، وطبق ذلك على سيد الأنبياء والمرسلين والعف الكريم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، فلعن الله الأفاكين في هذا الزمان الذين لا يفكرون، ويقصدون إلى الأمر المختلف، ولا يحاولون أن يتعرفوا المعنى المؤتلف.

[منع دخول بيوت النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من غير استئذان:]

كان منزل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بيتا للمؤمنين أجمعين، وخصوصا أنه كان على مقربة من المسجد، بل إنه متصل به، وكان أقرب البيوت إليه، بيت عائشة رضى الله عنها.

٤٨٥- ويظهر أن المسلمين ما كانوا يجدون حرجا في الدخول إلى منزله عليه الصلاة والسلام، والمؤمنون الذين أشربوا آداب الإسلام، وهذب الإسلام طبعهم يستأذنون، ولا يدخلون لغير موجب، ولا يتخذون فيه مجلسا، فلما كان ناس لم يتحلوا بهذا النوع من التهذيب الإسلامى، كان لا بد من بيان ينهى، وقد كان، وسمى علماء الحديث الآيات التى بينت ذلك النهى آيات نزول الحجاب، بأن لا يدخل أحد إلا بإذن، وألا يدخل بيت النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مستأنسا لحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>