وقد تزوجته القرشية زينب بنت جحش، وهى نسيبة بين العرب، على أنه قرشى، وأنه أعظم العرب وأوسطهم نسبا، وهو من أنفسهم، كما قال الله تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ (التوبة: ١٣٨) على قراءة فتح الفاء.
فلما نزلت الآيات التى تلوناها بتحريم التبنى، ونفى الادعياء، تململت بحياتها مع زيد إذ أنه لم يعد ابن محمد، بل أصبح الأمر الحقيقى فيه أنه ابن حارثة.
شكا الزوج من تعالى زينب عليه بنسبها، فكان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يقول له: أمسك عليك زوجك واتق الله.
وكان الله تعالى قد أمر نبيه محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم بألا يمنع زيدا من طلاقها لأن الله تعالى قد قضى أمرا، وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ (الأحزاب: ٣٦) .
قضى الله سبحانه وتعالى أن يطلق زيد زينب، وإذا انتهت العدة تزوجها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأمر الله، ليكون ذلك تطبيقا عمليا لمنع التبنى، وليضرب محمد صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك الأمثال على إهمال التبنى ونفيه نفيا مؤكدا بالعمل.
تزوجها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم تنفيذا لأمر ربه ولكيلا يكون حرج في أزواج أدعيائهم.
ولم يكن زواجه عليه الصلاة والسلام شهوة أو رغبة إلا أن تكون استجابة لأمر الله تعالى، وكذبت الإسرائيليات التى أدخلت على كبار المؤرخين كابن جرير الطبرى الذى تولى كبر إذاعة هذا الكذب الإسرائيلى والنصرانى، وكذب أولئك الكتاب الأوربيون الذين راحوا يروجونها آثمين، وإن كانوا لا يعرفون الإثم، وكذب الذين يقلدونهم تقليدا أعمى، ويحتذون حذوهم كحذو النعل بالنعل.
٤٨٤- وإن الآيات في هذا المقام صريحة بأمر الله تعالى بالزواج، وصريحة في أن ذلك لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا، وصريحة في أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ليس أبا لأحد من رجالهم، صريحة في كل ذلك، ومع ذلك كان التقليد وترويج الكذب لهما الأثر، ففسد الفهم، وكانت الآفة في نفوسهم وفهمهم، لا في الوقائع ذاتها.
ولنتل الآية، وهى توضح الحقيقة. وتكذب الكذابين، والذين إيف تفكيرهم بالكذب الرائج، قال الله تعالى: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ