للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل أيضا على سعة تفكير هرقل، ورفضه أن يثير حربا لأجل الخرج الذى كان يقدمه تابع له، لأنه اتبع دينا آخر وظهر ميله للإسلام واعتقاده بأنه صدق، وكان يعلن ذلك لوصيه بملكه، ومهما يكن أمر إسلامه، فإنه يظهر بمظهر رجل حر الفكر والرأى يقدر حرية التدين فى غيره، كما يقدرها فى نفسه.

وفى الكلام ما يوميء إلى أن هذا الكتاب كان بعد فتح مكة المكرمة، لأنه سأله عن قريش اتبعوا محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم أم لم يتبعوه، فأجاب عمرو بأنهم اتبعوه، إما رغبا وإما قهرا، وإن ذلك كان بعد الفتح لا ريب فى ذلك.

وأنه يبدو بلا ريب أن عمرو بن العاص كان ذا فراسة قوية عندما اختار أحد الأميرين وهو الأصغر، عندما ابتدأه فى تقديم الكتاب، فعن طريقه أقنع أخاه ذا الصلف والكبرياء.

ويلاحظ أن عمرا كان شديدا فى قوله عندما خاطب الأمير الأكبر، ولعل ذلك من أنفة العربى إذ منعه الملك من الجلوس، وأبى إلا أن يقدم كتاب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو واقف، فلم يرد أن يكون ذليلا.

ولم يضر ذلك بقضية الإسلام لأنه كان يستعين بأخى الأمير الذى أبدى لينا غير منتظر، وأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم ين عن الدعوة، وسط الحروب وفى تدبير الدولة.

[كتابه عليه الصلاة والسلام إلى صاحب اليمامة]

٥٨٥- أرسل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مع سليم بن عمرو العامرى كتابا إلى صاحب اليمامة هوذة بن على، وكان نص الكتاب:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هوذة بن على سلام على من اتبع الهدى.

اعلم أن دينى سيظهر إلى منتهى الخف والحافر، فأسلم تسلم، وأجعل لك ما تحت يدك» .

فلما قدم عليه سليط حامل الكتاب وكان مختوما أنزله وحياه وبعد أن قرأ الكتاب ودعاه رد على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بكتاب جاء فيه «ما أحسن ما تدعو إليه، وأجمله، والعرب تهاب مكانى، فاجعل لى بعض الأمر أتبعك» .

وأجاز سليطا الرسول بجائزة، وكساه أثوابا من نسيج هجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>