للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بعث علي رضى الله عنه]

٦٩٣- كانت اليمن عدة أقاليم، فبعث عليه الصلاة والسلام عبد الله بن قيس (أبا موسى الأشعرى) إلى مخلاف، وبعث معاذ بن جبل إلى مثله، وكانا متجاورين، فكان كل يذهب إلى صاحبه ولذا أمرهما النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يتطاوعا ولا يختلفا.

وبعث على بن أبى طالب بعد خالد بن الوليد، وهما محاربان، ولكن أمرهما النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، بألا يقاتلا إلا بعد الدعوة إلى الاسلام، والامتناع عن الإجابة إلى الإسلام أو إلى العهد.

ولنذكر وصية النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لعلى بن أبى طالب كما رواها السرخسى فى كتابه شرح السير الكبير للإمام محمد، وهى تشبه وصية النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لمعاذ التى أسلفناها.

وهذه هى الوصية: «إذا نزلت بساحتهم، فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك، فإن قاتلوك فلا تقاتلهم حتى يقتلوا منكم قتيلا، فإن قتلوا منكم قتيلا، فلا تقاتلهم حتى تريهم إياه، ثم تقول لهم: هل لكم إلى أن تقولوا:

لا إله إلا الله، ولأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير مما طلعت عليه الشمس وغربت» «١» .

ولكن عليا رضى الله تعالى عنه، لم يقاتل، ولم يكن فى حال يعرض عليهم ما أمره النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يعرضه، لأنه جاء إلى من أرسل إليهم على من أهل اليمن قبله خالد بن الوليد ودعاهم إلى الإسلام أو القتال فأسلموا ولم يقاتلوا، وجمع منهم خالد بن الوليد فيئا وغنائم لم تخمس، فأرسل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عليا ليقسمها، أو ليخمسها كما يفهم ذلك من الروايات المتضاربة.

قال البخارى بسنده «بعث النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عليا إلى خالد ليقبض الخمس» وقال أبو بريدة راوى الحديث عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم «وكنت أبغض عليا» .

وإنه يبدو من السياق التاريخى أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بعث عليا ليأخذ خمس النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وذى القربى واليتامى والمساكين.

وإن ذلك لم يكن وحده هو رسالة خالد، بل كانت رسالته مع ذلك الدعوة إلى الإسلام وتعليمهم، وأن يؤمهم فى الصلاة. قال البراء بن عازب فى رواية البيهقى: «كنت فيمن خرج مع خالد ابن الوليد فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام، فلم يجيبوه، ثم إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعث على بن أبى طالب. فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا، ثم تقدم فصلى بنا فصفنا صفا واحدا، ثم تقدم بين أيدينا، وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فأسلمت همدان جميعا.


(١) شرح السير الكبير للسرخسى الجزء الأول ص ٢٣٤ طبع جامعة القاهرة ولم يطبع فيها غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>