للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب على إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الكتاب خرج ساجدا لله، ثم رفع رأسه وقال: السلام على همدان، السلام على همدان.

ويظهر أن خالدا لم يعد إلى المدينة المنورة. بمجرد مجيء على كرم الله وجهه، بل مكث مدة، ولا نريد أن نفرض أن خالدا كان فى نفسه موجدة من إرسال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عليا، ولكن نترك الحوادث حول على تتحدث والأمور التى تدور حول على تنطق.

لم يكن على رضى الله عنه وكرم الله وجهه محبوبا فى الأوساط العربية، وخصوصا الذين ينتمون إلى أقوام كانت لهم محاربة للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى بدر وأحد والخندق، ثم حنين فقد كان سيف على كرم الله وجهه فى الجنة سريعا إلى الرقاب، كما كان سيف عمه حمزة فى بدر، وقد استطاع الشرك أن يقتل أسد الله حمزة، فبقى لعلى الإحن.

إن عليا جاء لأخذ الخمس الذى يوضع تحت يد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لقرابته، ولقد أخذ على ذلك الخمس، وكان فيه سبية جميلة، فأخذها على، وعاشرها بملك اليمين، فقامت لذلك ضجة، وأمر خالد فيما يظهر أن يبلغ ذلك للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم على أن عليا ملوم فيه، ولنترك الكلمة لأبى بريدة. حدث الإمام أحمد بسنده إلى أبى بريدة «قال أبو بريدة أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا، وأحببت رجلا «١» من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليا، فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه عليا فأصبنا سبيا، فكتب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم. ابعث إلينا من يخمسه فبعث إلينا عليا وفى السبى وصيفة من أفضل السبى، فخمس وقسم، فخرج، ورأسه يقطر فقلنا يا أبا الحسن ما هذا؟ فقال ألم تردوا إلى الوصيفة التى كانت فى السبى فإنى قسمت وخمست فصارت فى الخمس ثم صارت فى أهل بيت النبى صلى الله تعالى عليه وسلم. فكتب الرجل إلى نبى الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقلت ابعثنى، فبعثنى مصدقا فجعلت أقرأ الكتاب وأقول صدق فأمسك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يدى والكتاب. فقال: أتبغض عليا، فقلت: نعم. قال: فلا تبغضه وإن كنت تحبه فازدد له حبا، فوالذى نفس محمد بيده لنصيب آل على أفضل من وصيفة، قال أبو بريدة، فما كان من الناس بعد قول النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أحد أحب إلى من على.

إن هذا الخبر يدل على أن عليا رضى الله تعالى عليه كانت تتقصى هفواته ولكنه لم يفعل حراما وحسبنا أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يستنكر فعله، بل أيده. ويدل الخبر أيضا على بغض


(١) سياق الكلام بما يدل على أنه خالد بن الوليد فكلمة الرجل، تشير إليه فى كل ذكر لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>