هذا كتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لملوك حمير، وقد كان يخص بعضهم بخطاب، إذ تعدد فيه لفظ أما بعد، مما يدل على أنه يخص بعضهم بالخطاب، وإن كان مضمونها جميعا واحدا.
وفى هذا الكتاب بين الله سبحانه وتعالى فريضة الزكاة فى الزرع والثمار والسوائم، ويلاحظ أنه لم يذكر إلا زكاة الأموال الظاهرة والأموال الباطنة وهى الدراهم والدنانير، وما يتعلق بها من عروض التجارة قد بينها صلى الله تعالى عليه وسلم فقال فى كل مائتى درهم خمسة دراهم، وروى أنه قال فى كل عشرين مثقالا نصف مثقال، ولعله لم يذكر زكاة الأموال الباطنة، لأنه يذكر ما يجمعه الإمام، أو والى الصدقات، أما الأموال الباطنة، فإن أصحاب المال يؤدونها.
ولعل هذا هو المسوغ به الإمام ذو النورين عثمان ولاة الصدقات، بأن يجمعوا زكاة الأموال الظاهرة، ويتركوا الأموال الباطنة، وكأنه أنابهم عنه فى أدائه، بحيث إذا ثبت أنهم لا يؤدونها أخذها منهم.
ويلاحظ فى كتاب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه ذكر زكاة الزرع والثمار بأنها زكاة العقار، وإن كانت تؤخذ من غلاته، نصف العشر وإن سقيت بالة، والعشر إن سقيت بماء العيون أو ماء السماء وإن هذا النص يفهم أن العقار فيه زكاة، وقد كان العقار المثمر هو الأراضى الزراعية وثمار الأشجار.
وذلك لأن النصاب فى الزكاة مال نام، والزرع ثمار الأرض، والشجر نماؤه الثمر.
وقد كانت البيوت والدور والحوانيت تتخذ للحاجات الأصلية، فلم يكن لها ثمار بذاتها، وكذلك أدوات الصناعة.
والآن قد صارت الدور لا تتخذ للإقامة فقط، بل تتخذ للاستغلال، والنماء بإجارتها فكان لا بد من زكاتها، لأنها مال نام بالفعل، ولأنها عقار، وقد ذكر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم زكاة العقار المزروع بأنه العشر إن سقى بغير آلة، وإن سقى بالة فنصف العشر، وهنا نجد القياس لا يتجه إلى أصل زكاة العقار، فهو ثابت بالنص، إنما يتجه إلى طريقة أخذ الزكاة، فتقاس الغلات بالإجارة على الزرع والثمار.
ولذا نرى أن يؤخذ عشر الصافى بعد النفقات التى تنفق على المبانى والتحصيل.
٦٧١- كتاب آخر لليمن:
كان الكتاب السابق فيه دعوة إلى الإقرار بالإسلام والحث عليه وما يجب عليهم من جمع الزكوات، والجزية، أى تكوين ميزانية دولة الإسلام، وهناك كتاب آخر كتبه لعمرو بن حزم عندما بعثه إلى اليمن، وهو خاص بالواجبات التى تجب على الآحاد، فهو يفقههم فى الدين ويعلمهم السنن، ويأخذ صدقاتهم، وهذا نص الكتاب وقد رواه الحافظ البيهقى.