للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[زوجات النبي صلى الله تعالى عليه وسلم]

٧٢٥- يحلو لبعض الكتاب غير المسلمين أن يقولوا، إن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم كان رجلا شهوانيا، بدليل أنه تزوج نحو ثلاث عشرة، وتوفى عن تسع وقد أسرفوا على أنفسهم فى القول، وعلى الحقيقة فطمسوها فى زعمهم، ولكن الحق أبلج، نير يكشف دائما ما يكون من غمة يحاول أصحابها أن يعموا الحق ويدلسوا على أهله.

لقد زعموا أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم شهوانى، لزواجه، ونحن نتخذ من زواجه دليلا على أنه لم يكن شهوانيا، بل كان أقرب إلى أن يكون سلبيا، لا تغلبه شهوة، ولا يسيطر عليه هوى فى أى ناحية من النواحى.

لقد تزوج أم المؤمنين خديجة وهو شاب مكتمل القوى فى الخامسة والعشرين من عمره، وكانت هى فى الأربعين من عمرها، وعاش معها نحو ست وعشرين سنة، أى تجاوزت نحو السادسة والستين، وأنجب منها ستة أولاد، ولم يفكر فى أن يتزوج عليها، وكان معروفا بالعفة، والشهوات تتقزز فى نفس أمثاله ممن هم فى مثل سنه، وهو بالنسبة لهم العفيف النزيه الذى لم يزن بريبة قط، ونساء قريش يتمنين أن يكون ضجيعا لهن، ولكنه كان فى عزوف عن كل شهوة، ونظرة إلى النساء.

حتى إذا توفيت أم المؤمنين خديجة وقد تكاثرت مشاغله، فكان مشغولا بالدعوة إلى التوحيد ومكابدة الأذى الذى تفاقم بعد وفاة خديجة وعمه أبى طالب.

ولقد كان التعدد من بعد ذلك، ولمقاصد ليست هى الشهوة، كما أن الشهوة ليست بعض هذه العناصر، والدلائل تدل على أنها كانت بعيدة كل البعد.

وإنا نذكر أن هذا التعدد كان إما لأن امرأة بعض الصحابة الذين جاهدوا معه قد قتل وهو يهاجر، وكانت امرأته أهلها فى الشرك، فإما أن تعود إليهم فتتعرض للعذاب والردة ولا أحد معها فى دار الهجرة من قومها، فيتحمل هو عبء الزواج منها حفاظا لها ورعاية، ولا ينظر فى ذلك إلى أنها يرغب فى الزواج منها، أو ليس فيها ما يرغب إلا رعايتها وحمايتها، إما هذا، وإما ليربط بها مع معين له فى التبليغ، فيرتبط معه برباط المصاهرة مع رباط الإيمان، وإما لإنقاذ امرأة من الرق، من غير نظر إلى كونها جميلة أو غير ذلك.

وإما لبيان أحكام شريعة فيطبقها عملا، ليكون أسوة للناس فى محاربة أمر جاهلى قد اعتادوه، وإن لم يقره الإسلام، فيفعله النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لكيلا يكون حرج على الناس أن يفعلوه. وإما ليرتبط بالقبائل العربية، ليتخذ منها دعاة للإسلام. وإما لإزالة النفرة، وجلب المودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>