لله الحمد على ما أنعم، وله الفضل فيما أكرم، إذ أكمل الدين، وأتم الرسالة الإلهية، بإرسال محمد صلّى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، فأكمل الهداية، وأبلغ الغاية، وكشف المحجة، وبين الجادة، ورفع راية الاسلام القوى العزيز، المكين، وحمل الحواريون من أصحابه ما حملهم الله، فقاموا بواجب التبليغ، وأدوا الأمانة التى حملوها، فكانوا منارا مقتبسا من نوره، فرضى عنهم، ورحم الإنسانية بما اقتبسوا من معانى الرسالة المحمدية.
[يا رسول الله:]
إن الله خلقك بشرا سويا، ولكنك فوق سائر البشر، واثارك التى حملتها الأجيال من بعدك فوق القدر، ونحن معشر المتبعين لك إن كان فينا شرف هذا الاتباع إنما ندرك بالتصوير أمثالنا. فمن خواطرنا ومنازع نفوسنا نتعرف نفوس غيرنا، ونحكم على أحوالهم، وإن حاولنا أن ندرك من هو أعلى منا، فإنه يجب أن يكون علوه على مرأى أنظارنا، وفى مطالع افاقنا، فعندئذ نحاول وقد نصل، ولكنك يا رسول الله فى علو لا نصل إليه، وفى سماك لا نراه، وليس منا من يضاهئك حتى نتمثله ونتخيله، فأنّى لأمثالنا أن يكتب فى شأنك، وأن يعلو إلى شأوك، إن ذلك أمر فوق المنال، ويعلو على مدارك الخيال.
ومن أجل هذا نضرع إلى الله أن ينالنا بغفرانه، إن تسامينا محاولين الوصول إلى الكتابة فيك، فالمعذرة قائمة، والقصور ثابت، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
[يا رسول الله:]
قد كتبنا فى أئمة أعلام، قد قبسوا من نورك قبسة أو قبسات، أدركنا نورهم، ووفقنا الله تعالى إلى ما نحسب أننا وصلنا فيه إلى ما يفيد، وبمقدار ما قبسوا كنا ندرك ما به شرفوا، وما به أصابوا. واهتدوا.
فلما جئنا إلى ساحتك. وحاولنا أن ندخل إليها، غمرنا النور، وكف أبصارنا الضوء المنير، فأنّى ندرك، وأنّى نرى، وقد صرنا كذى رمد غمره ضوء الشمس، أما ما هو أعلى، فأصابتنا الحيرة، ولا هادى لنا يخرجنا منها، إلا أن تكون الهداية من الله تعالى كما أمر إذ قال سبحانه: قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ «١» فليس لنا إلا أن نلجأ إليه ضارعين أن يهدينا لتصوير شخصك الطاهر المطهر، أو لتقريبه إذا كان التصوير فوق طاقتنا، وأعلى من أن نصل إليه، فإن التقريب يحل عند العجز محل التسديد، والعجز مغفور، والقاصر معذور، والله عفو غفور.