للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصواب الذى لا يحتمل الخطأ، وفي تفكير غيرهم الخطأ الذى لا يحتمل الصواب، وتردت بهم الجماعات في مهوى سحيق.

[النبى عليه الصلاة والسلام يعد المؤمنين للقتال:]

٤١٥- أخذ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يتعرف خبر الأماكن التى يلقى فيها العدو المكاثر المكابر، وأنه لكى يختار لجيشه لابد أن يعرف أماكن جيش العدو ويمر في غير ممرهم.

قال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كما روى في الصحيحين: هل من رجل يخرج بنا على القوم من كثب، من طريق لا يمر بنا عليهم، فقال أبو خيثمة: أنا يا رسول الله، فأخذ يسير، فنفذ في حرة بنى حارثة، وبين أموالهم، حتى سلك بهم في مال لمربع بن قيظى، وكان رجلا منافقا ضريرا، فلما سمع حس رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه من المسلمين، فقام يحثى في وجوههم التراب، ويقول: إن كنت رسول الله فإنى لا أحل لك أن تدخل في حائطى، وأخذ حفنة من التراب في يده، ثم قال: والله لو أنى أعلم أنى لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها وجهك، فابتدره القوم ليقتلوه فقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تقتلوه، فهذا الأعمى أعمى القلب، أعمى البصر.

ولكن قبل هذا النهى ضربه بعض القوم بالقوس فشج رأسه.

كان هذا الاتجاه من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بعد أن نزل على رأى الكثرة ممن استشارهم من المؤمنين.

وقبل أن يخوض بهم المعركة نبههم إلى أنه نزل على آرائهم، فلبس لأمة الحرب، واتخذ درعه استعدادا للميدان، وأخذ يضع الجيش مواضعه.

أحس بعض المؤمنين أنهم استكرهوا الرسول عليه الصلاة والسلام، وقالوا أمرنا رسول الله أن نمكث بالمدينة المنورة، وهو أعلم بالله تعالى وما يريد، ويأتيه الوحى من السماء.

حسبوا أن الأمر من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالبقاء يتصل بالوحى وأمر الله فيه، وظنوا لفرط إيمانهم، ولو كان الأمر كذلك ما أخذ فيه رأى أحد، فلا رأى في أمر الله تعالى ونهيه، ولكن كان من الرسول عليه الصلاة والسلام الرأى في الحرب والمكيدة، ولهذا عرض الأمر عليهم، واختار رأى الكثرة، لأنه الشورى.

<<  <  ج: ص:  >  >>