للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأمر الثانى:]

الذى يجب التنبيه إليه أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أوصى بالأنصار خيرا.

روى البيهقى بسنده أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه فى مرض موته وقد اشتد به وعكه خرج فجلس على المنبر فكان أول ما ذكر بعد حمد الله تعالى والثناء عليه ذكر أصحاب أحد فاستغفر لهم ثم قال:

«يا معشر المهاجرين، إنكم أصبحتم تزيدون، والأنصار على هيئتها لا تزيد وإنهم عيبتى التى أويت إليها، فأكرموا كريمهم، وتجاوزوا عن مسيئهم. ثم قال عليه الصلاة والسلام: أيها الناس إن عبدا من عباد الله تعالى قد خيره الله تعالى بين الدنيا، وبين ما عند الله فاختار ما عند الله، ففهمها أبو بكر رضى الله تعالى عنه من بين الناس فبكى، وقال: «بل نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا وأموالنا يا رسول الله» .

وإن هذه الرواية فيها الوصية بالأنصار، لأنهم قوة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وهم الذين آووا ونصروا وقد نفذت هذه الوصية فى عهد الراشدين وعمر بن عبد العزيز، أما ما كان من بنى أمية نحو الأنصار فالله أعلم بهم وهو مجازيهم عليه.

[الأمر الثالث:]

ما رواه البخارى عن الفضل بن عباس أنه قال: أتانى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو يوعك وعكا شديدا وقد عصب رأسه، فقال خذ بيدى يا فضل، فأخذت بيده حتى قعد على المنبر ثم قال: ناد فى الناس، فناديت الصلاة جامعة فاجتمعوا فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خطيبا فقال:

أما بعد أيها الناس قد دنا منى خلوف من بين أظهركم، ولن أفى هذا المقام فيكم، وقد كنت أرى أن غيره غير مغن عنى حتى أقوم فيكم، ألا فمن كنت قد جلدت له ظهرا، فهذا ظهرى فليستقد منه ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالى، فليأخذ منه، ومن كنت قد شتمت له عرضا، فهذا عرضى فليستقد منه، ولا يقولن قائل إنى أخاف الشحناء من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ألا وإن الشحناء ليست من شأنى ولا من خلقى، وإن أحبكم إلى من أخذ حقا كان له على، أو حللنى، فلقيت الله عز وجل، وليس لأحد على مظلمة، فقام رجل، وقال: يا رسول الله لى عندك ثلاثة دراهم فقال عليه الصلاة والسلام، أما أنا فلا أكذب قائلا، ولا أستحلفه على يمين، فيم كانت لك عندى؟

قال أما تذكر أنه مر بك سائل فأمرتنى، فأعطيته ثلاثة، قال عليه الصلاة والسلام: «أعطه يا فضل» .

ثم عاد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مستمرا فى مقالته الأولى وقال: أيها الناس من عنده من الغلول شيء فليرده، فقام رجل فقال يا رسول الله عندى ثلاثة دراهم غللتها فى الله فقال عليه الصلاة والسلام، فلم غللتها؟ قال: كنت محتاجا إليها. قال عليه الصلاة والسلام: خذها منه يا فضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>