للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً. حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً. كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً. ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً. حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا إلى اخر القصة التى تختتم بقوله تعالى وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ، وَنُفِخَ فِي الصُّورِ، فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً «١» .

وكانت الإجابة عن السؤال الثالث فى سورة الإسراء بقوله تعالى:

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا «٢»

جاءت الردود ايات تتلى ويسمعها كل الذين أرجفوا بعجز محمد صلى الله عليه وسلم فى تحديهم، فقرأوها، أو سمعوها، فكانت تتلى فيهم فى ضمن ما يتلوه النبى عليه الصلاة والسلام عليهم، ولا شك أن لذلك أثرا قويا فيهم. وفيمن علم أمر المحاجة بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، وفى مقدمة ما سرى فيهم من روح القران الكريم ودلائل إعجازه، فهل آمنوا؟ من المؤكد زادوا إيمانا بعد ذلك.

[إسماعهم القران الكريم]

٢٤٧- عندما ذهب عتبة بن ربيعة يتودد للنبي صلي الله عليه وسلم باسم قريش، وعرض عليه السيادة فيهم، أو الملك، أو المال الوفير، أو أن يحضروا له طبيبا يعالجه من الرئي إن كان عنده رئي، فقرأ عليه النبي عليه الصلاة والسلام بعد مجاوبة ترد ما يعرضون قوله تعالي: حم. تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إلى اخر الايات، فأتي أصحابه، فقال لهم: «يا قوم أطيعونى في هذا الأمر اليوم، واعصوني فيما بعد، فو الله لقد سمعت من هذا الرجل كلاما، ما سمعت أذناي كلاما مثله وما دريت ما أرد عليه» .

كان المشركون حريصين علي أن يستمعوا للقران الكريم بعد أن عرفوا تأثيره، لا ليؤمنوا، ولكن ليعرفوه، وليعدوا العدة، ولأن بعضهم مع عناده، وجحوده وإصراره كان يخاف تهديده وإنذاره، بل كان يخاف مجرد تهديد من النبى صلى الله تعالي عليه وسلم.

يروى أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال لأبى جهل «يا أبا الحكم فو الله لتضحكن قليلا ولتبكين كثيرا» فأخذ التهديد قلبه المتحجر وألانه لحظة من الزمان، فقال متلطفا مع النبى صلى الله عليه وسلم: «بئسما تعدنى يابن أخى من نبوتك» .


(١) سورة الكهف: ٨٣- ٩٩.
(٢) سورة الإسراء: ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>