فئتين التقتافئة تقاتل فى سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين، والله يؤيد بنصره من يشاء إن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار» .
وإننا نرى أن هذا يشبه ما قرره الله تعالى من أن عشرين صابرين يغلبوا مائتين، وأن مائة صابرة تغلب ألفا، وأنه عند قوة الإيمان وقوة الصبر يكون المؤمن الصابر يغلب مائة.
وقد كان ثلاثة آلاف قد غلبوا مائتى ألف، وصدق قول الله تعالى:«يا أيها النبى حرض المؤمنين على القتال، إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا، بأنهم قوم لا يفقهون» هذا هو الحق.
إن غزوة مؤتة أول غزوة تخرج عن دائرة الجزيرة العربية إلى دائرة أراض تحت سلطان الرومان، فإذا كانت النتائج تكون على هذه الشاكلة، فإن النصر سيكون لجيش الحق بإذن الله تعالى، وقد كان، فكانت اليرموك وما بعدها فى عهد الراشدين، فكانوا يفرون كما تفر الشاة أمام الأسود.
وإذا كانت بدر أول انتصار فى الأرض العربية، فمؤتة أول انتصار مؤزر خارج الجزيرة العربية، وهو ابتداء ليس له انتهاء أو مبتدأ له خبر.
[سرية ذات السلاسل]
٥٧٣- عندما أرسل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى بلاد الشام سرية من ثلاثة آلاف لمنع فتنة الرومان للمسلمين، ولتأديب الغساسنة الذين قتلوا رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم، وأقبل الرومان فى جيش بلغ تعداده مائة ألف، وانضم من أعراب الشمال من لخم وجذام وطييء وغيرهم مما ضاعف البلاء على المسلمين، ولكن كانت الغالبة، فكانت الفئة التى تقاتل فى سبيل الله هى الغالبة، وقد ذكرنا ذلك.
ما كان للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه أن يتركوا هؤلاء الأعراب من غير تأديب، وكما قال الله تعالى: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ (التوبة- ٩٧) فكان لا بد أن يمنعهم من أن يسترسلوا فى الشر.
أرسل عمرو بن العاص يستنفر العرب ليستميلهم إليه بذرابة لسانه، وقد رأى عمرو رجلا ألكن لم يستطع بيانا، فقال رضى الله عنه: سبحان الله خالق لسان هذا هو خالق لسان عمرو بن العاص. ولأنه كما قيل كانت له صلة ببعض هؤلاء الأعراب، ومعه عدد قليل من المسلمين.