للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سار حتى وصل إلى جذام، ونزل ماء السلاسل.

ولكن لم يفلح فى استمالة أحد، ولم يكن كعبد الله بن رواحة يطلب من جيشه إحدى الحسنيين، ولذلك أرهبته كثرة عدوه، فلم يصنع شيئا، وأرسل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ليبعث إليه الرجال وبقى ينتظر المدد.

عندئذ بعث النبى صلى الله تعالى عليه وسلم جيشا من المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر، والقائد أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين هذه الأمة.

ولقد تحرك فى عمرو حب الرياسة التى ظهرت من بعد فى عهد عثمان عندما عزله، وفى عهد على التى تفرق بها وبغيرها أمر المسلمين.

قال لأبى عبيدة: إنما جئت مددا لى، وهو ما أرسل فى جيش من المهاجرين والأنصار، ولكن أرسل طليعة للتعرف والاستمالة.

وما كان من شأن أبى عبيدة أن يعطى رياسة الجند إلا بأمر الرسول لعمرو بن العاص الذى هو حديث عهد بالإسلام، ولكن أبا عبيدة لم يجابهه بأن الأمر له بل قال إجابة له لا، ولكنى على ما أنا عليه، وأنت على ما أنت.

ولكن عمرو أصر على قوله، وقال: أنت مددى.

وهنا بدت تقوى التقى المؤمن، فقال له: يا عمرو إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال لا تختلفا، وإنك إن عصيتنى أطعتك.

هذه صورة عمرو فى أول إسلامه، وهى صورته عند تولى الإمرة على مصر عندما عزله ذوالنورين عثمان بن عفان، لقد قال: كنت ألقى الراعى فأحرضه عليه. وهى صورته عندما اجتمع مع معاوية ضد إمام الهدى على لأنه يعلم أن عليا لن يعطيه إمرة فى شيء.

أخذ الجيش الإسلامى يطارد القبائل التى ظاهرت الروم، فتوغل الجيش الإسلامي، وكلما انتهى إلى قبيلة ولت الأدبار، ولم يصطدم إلا مرة واحدة، وانتهت بفرارهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>