للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ. هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا، وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ. يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (المنافقون- ١- ٨) .

هذا حكم الله على المنافقين، وقد حكم الله تعالى بأنهم لا يفقهون، ولا يجزيهم استغفار الرسول لهم، لأنهم عثوا في كفرهم إذ الكفر من غير نفاق جهل وحمق وعناد، ومنشؤه غالبا من عدم إدراكهم الحق، فهم لا يذعنون، وتوبتهم قريبة إذا زالت غواشى الضلال والجهالة. أما النفاق فهو دركتان فى الكفر هو عناد وحقد من غير جهل، ومحاولة لستر الحقائق وإبعادهم ذرائع الإيمان عن نفوسهم، ومحاولتهم طمس الحقائق في قلوبهم، فطبع على قلوبهم، ولذلك وصفهم الله سبحانه وتعالى بأنهم لا يفقهون، فلا يشق نور الحق قلوبهم المعتمة.

[الأسرى والسبايا من بنى المصطلق:]

٤٩٣- أثخن المسلمون في بنى المصطلق، إذ لم تبق فيهم قوة يستطيعون أن يغيروا بها على المؤمنين فإنه قتل منهم من قتل، وسيق الباقون أسرى وسبايا، ولم يسترقهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نهائيا فقد شد الوثاق ابتداء، وقيل إنه وزعهم غنائم على المحاربين، ولكنه أطلقهم في النهاية، ونرى أنه تدرج في معاملة الأسرى، ونرجح بهذا المعنى أن غزوة بنى المصطلق كانت بعد غزوة قريظة، ذلك أنه فى غزوة قريظة قتل الرجال، وسبى النساء، وباعهن في نجد في خيل اشتراها في مقابلهن قوة للمسلمين.

أما في هذه وهى غزوة بنى المصطلق فقد تصرف صلى الله تعالى عليه وسلم تصرفا حكيما أدى إلى ألا يباع منهم أحد، حتى بعد تقسيمهم بين الغانمين، وألا يسبى منهم امرأة بعد تقسيمهم.

فإن كتب السيرة تروى ما ثبت في صحاح السنة، وذلك أن الناس قسموا الرجال والنساء بينهم، وأبقى رسول الله جويرية بنت الحارث التى صارت من بعد من أمهات المؤمنين، ولنترك الكلمة لابن هشام الذى روى بعض الروايات، فهو يقول:

يقال أنه لما انصرف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من غزوة بنى المصطلق ومعه جويرية بنت الحارث، دفعها إلى رجل من الأنصار وديعة وأمره بالاحتفاظ بها. وقدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم المدينة، فأقبل أبوها الحارث بن ضرار لفداء ابنته، فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التى جاء بها

<<  <  ج: ص:  >  >>