يتحدرن، أبهى الناس وأحلمهم من بعيد، وأحسنهم من قريب، ربعة، لا تشنؤه عين من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدا، له رفقاء يحفون به، إن قال استمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محفود، محسود، لا عابس ولا مفند.
فقال بعلها: هذا والله صاحب قريش الذى تطلب، ولو صادفته لألتمسن أن أصحبه، ولأجهدن إن وجدت إلى ذلك سبيلا.
هذه قصة أم معبد. وهذه أقوالها، وقد أشرنا إلى ذلك فى صفات النبى صلّى الله عليه وسلّم، واسمها كما جاء فى كتب السيرة عاتكة بنت خلف بن معد بن ربيعة بن أضرم. وأبو معبد زوجها- اسمه أكثم بن العزى ابن معبد بن ربيعة بن أضرم، فهو من أبناء عمومتها، وقيل أنه أسلم، وهاجر.
[خوارق أخرى:]
٣٢٩- سار الرائد الذى سلك بالنبى عليه الصلاة والسلام وصاحبه غير الطريق الجاد، وسار فى طريق غير مطروق، مر بأماكن كثيرة وقد حدثت فى هذه الطريق خوارق للنبى صلّى الله عليه وسلّم، وكلها يتعلق بمسير السائر فى الصحراء، وحاجته إلى الزاده والماء، فكانت الخوارق تجيء مناسبة لذلك.
وقد روى البيهقى بسند عن قيس بن النعمان قال:«لما انطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأبو بكر رضى الله تعالى عنه مستخفين، مروا بعبد يرعى غنما، فاستسقياه اللبن فقال ما عندى شاة تحلب، غير أن هناك عناقا حملت أول الشتاء وقد أخدجت «١» ، وما بقى لها من لبن، فقال عليه الصلاة والسلام: ادع بها، فدعا بها، فاعتقلها النبى صلّى الله عليه وسلّم، ومسح ضرعها، ودعا حتى أنزلت، وجاء أبو بكر بوعاء فحلب، فسقى عليه الصلاة والسلام أبا بكر، ثم حلب، فسقى الراعى، ثم حلب، فشرب صلّى الله عليه وسلّم. أخذ العجب الراعى فقال:
من أنت، فو الله ما رأيت مثلك قط، قال عليه الصلاة والسلام: «وتراك تكتم على حتى أخبرك؟ قال نعم، قال النبى صلّى الله عليه وسلّم فإنى محمد رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) . فقال الراعى المخلص: أنت الذى تزعم قريش أنه صابيء!! قال إنهم ليقولون ذلك، قال فإنى أشهد أنك نبى، وأشهد أن ما جئت به حق، وأنه لا يفعل ما فعلت إلا نبى، وأنا متبعك، قال النبى صلّى الله عليه وسلّم:«إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا فإذا بلغك أنى قد ظهرت فأتنا» .
وقد روى هذا أيضا أبو يعلى.
(١) أي ألقت ولدها بعد أن صار تام الخلق ولكن نزل قبل أوانه ويقال أيضا إذا ولدته قبل تمام الحمل ناقص الخلق.