للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن تفصيل الأذان وبيان أجزائه التى لا يمكن أن يجزى الأذان إلا بها لا تكون إلا بأمر من الله تعالى، لأن الأذان عبادة، ولا تعرف أجزاء العبادة إلا بوحى من الله تعالى لنبيه، لا برؤيا لغيره مهما تكن مكانته في الإسلام.

[الإذن بالقتال]

٣٤٤- بعد أن استقر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم اتجه إلى تعميم الدعوة وحماية الضعفاء من المؤمنين الذين كانوا يفتنون في دينهم، ويؤذون في اعتقادهم، وكان لا بد أن يكون ذلك بقتال المشركين الذين يؤذون المؤمنين، ولا بد من استنقاذ البيت الحرام من عبادة الأوثان، وأن تحطم الأوثان التى تحيط به.

ولذلك شرع الله تعالى القتال، فقال تعالى في كتابه المبين: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا، إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ. أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ، وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً، وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (الحج- ٣٨: ٤١) .

كان الإذن بالقتال، وفتح باب الجهاد، وفي هذا النص الكريم بيان الباعث عليه، والنتيجة التى ينتهى إليها، وإنها لخير، ووسائل الخير تكون خيرا ولو كانت أمرا كريها، ما دام قد تعين ما هو الطريق، وإنه إذا تعين كان خيرا، ولذلك قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ، وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ، وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (البقرة- ٢١٦) .

والآية التى كان فيها الإذن بالقتال فيها إشارات بيانية تليق بالقرآن الكريم أبلغ كلام في هذا الوجود الإنسانى.

أولاها: أن فيها الإذن بالقتال، ولكنه لم يصرح بها، إذ أنه صرح بأشد ما يبعث عليه، وهو أن القتال من جانب الأعداء قد وقع فعلا، لأنه سبحانه وتعالى عبر بقوله «يقاتلون» بالبناء للمجهول، أى أن المشركين قاتلوا المؤمنين فعلا، فقد آذوهم وحاولوا أن يفتنوهم عن دينهم، والفتنة أشد من القتل كما قال الله تعالى، وحاولوا قتل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وحاولوا أن يقتلوا المبايعين في بيعة

<<  <  ج: ص:  >  >>