للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله تعالى عليه وسلم قال إنها لرؤيا حق إن شاء الله. فقم على بلال فألقها عليه، فإنه أندى صوتا منك، فلما أذن بلال سمعها عمر بن الخطاب. وهو في بيته. فخرج إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو يجر رداءه، ويقول: «يا نبى الله، والذى بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذى رأى» فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: فلله الحمد على ذلك.

هذا سياق ابن إسحاق في هذا الاهتداء إلى صيغة الأذان. وأن ذلك كان برؤيا رآها بنصّه اثنان من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وأن هذا نتيجة لرواية الشورى التى استشار بها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أصحابه.

وأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أقر الرؤيا فكان الأذان على ذلك شرعا بإقرار النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وذلك على أن إقرار النبى صلى الله تعالى عليه وسلم هو الذى شرع الأذان لا الرؤى والأحلام.

ولكن علق ابن هشام في سيرته على رواية ابن إسحاق بأن الوحى قد نزل بالأذان، وصيغته، فقال: «ذكر ابن جريج قال: قال لى عطاء: سمعت عبيد الله بن عمير الليثى يقول: «ائتمر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه بالناقوس للاجتماع للصلاة، فبينما عمر بن الخطاب يريد أن يشترى خشبتين للناقوس إذ رأى في المنام: «لا تجعلوا الناقوس، بل أذنوا للصلاة، فذهب عمر إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ليخبره بالذى رأى وقد جاء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم الوحى بذلك، فما راع عمر إلا بلال يؤذن، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حين أخبره بذلك، قد سبقك بذلك الوحى»

وإن هذه الرواية تصرح بأن الوحى نزل على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وفيه تفصيل الأذان بأركانه وهى ليست رؤيا عبد الله بن ثعلبة بن ربيعة.

وإنا نميل إلى هذه الرواية، وذلك، لأن الأذان شعار من شعائر الإسلام، وأنه تعرف به الجماعات الإسلامية، وما يكون كذلك من العبادات لا يكون من الأمور التى تكون بشورى الناس، وقد تكون الشورى ابتداء لمعرفة طريق الإعلام، فجاء الوحى بهذا الطريق الذى يعتبر سنة، وما كانت السنة تعرف بطريق رؤى الآحاد، إنما تكون بوحى من الله تعالى، وإن الأذان لكل صلاة سنة مؤكدة، وكثيرون من العلماء يقولون إنه بالنسبة للجماعات فرض كفاية تأثم الجماعة كلها إذا تركته.

<<  <  ج: ص:  >  >>