ولكن ابن إسحاق يذكر أن أوّل راية السرية كانت سرية عبيدة بن الحارث، لا سرية حمزة، ويقول في ذلك:(وبعض الناس يقول راية حمزة أوّل راية عقدها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لأحد من المسلمين، ذلك أن بعثة حمزة وبعثة عبيدة كانتا معا فشبه ذلك على الناس) .
هذا ما ذكره ابن إسحاق، ولكن الواقدى لا يذكر أنهما كانا معا، بل يذكر أن واحدة كانت في الشهر السابع بعد الهجرة، وهى سرية حمزة، والثانية كانت في الشهر الثامن بعدها وهى بعثة عبيدة.
وهناك اختلاف آخر بين رواية الواقدى ورواية ابن إسحاق، فالواقدى يقول إن حمزة التقى بأبى جهل، وابن إسحاق يقول، إنه التقى بعكرمة بن أبى جهل.
وابن كثير يظهر من لحن قوله أنه يرى رواية الواقدى أثبت على ما سنبين إن شاء الله تعالى.
[سرية سعد بن أبى وقاص:]
٣٤٨- وفي ذى القعدة من سنة الهجرة- أى على رأس عشرة شهور من الهجرة- أرسل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم سعد بن أبى وقاص في سرية؛ لأنه علم عليه الصلاة والسلام أن عيرا لقريش ستمر بها، فأرسل سعدا في عشرين من المهاجرين ساروا إلى مكان اسمه الخزار، وقد عينه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم على ألا يتجاوزوه، ويقول سعد رضى الله تعالى عنه:«خرجت في عشرين رجلا على أقدامنا، فكنا نكمن النهار ونسير الليل حتى صبحنا الخزار صبح خامسة، وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام قد عهد إلى ألا أجاوز الخزار، وكانت العير قد سبقتنا قبل ذلك اليوم» وعلى ذلك لم يلق سعد أحدا من قريش، ولم يأمره النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بمتابعتهم؛ لأنه يظهر أنه عليه الصلاة والسلام كان يريد مباغتتهم في الطريق، والمفاجأة تفزع العدو فينال منه، والملاحقة لا تكون فيها هذه المفاجأة، ولأنهم كانوا راجلين، فلا يوغلون في الصحراء حيث لا مركب لهم.
والواقدى يذكر في روايته أن سرية سعد كانت عدتها عشرين أو واحدا وعشرين، كما نقل عن سعد رضى الله عنه، ولكن ابن إسحاق يقول: إنه خرج ومعه ستمائة من المهاجرين.
ولعل رواية الواقدى أوضح وأقرب إلى المعقول، لأنه ثبت أن العير كان بها نحو ستين رجلا ويناسبهم عشرون وأنهم راجلون.
٣٤٩- والسرايا الثلاث على كلام الواقدى كانت في السنة الأولي، وقد حدد مواقيتها، فالأولى كانت في رمضان، والثانية كانت في شوال، والثالثة كانت في ذى القعدة.