للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن هذا يدل على جواز الجمع بين الصلاتين جمع تأخير لعذر الحرب، وأجازه أحمد لعذر الحرب ولغيره.

[دعاء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم واستجابته]

٤٧٠- أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ، وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا، حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (البقرة- ٢١٤) .

اشتد البلاء على الرسول والذين معه، فقد كانوا محاصرين نحو عشرين ليلة، وكان من القرظيين تلك الخيانة، وإن هموا بكتيبة غليظة أن يغزوا بيت النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

نعم إنه لم تكن الشديدة على المؤمنين وحدهم، بل كان جيش الشرك في ليال برد شديدة البرودة، وقد قل الزاد، وجف الحافر- وأصابهم سوء الظن بعضهم ببعض حتى قال أبو سفيان متكلمهم إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة. كانت حال المؤمنين قابلة للصبر بالإيمان، أما غيرهم فلا إيمان يعزيهم، ولا رجاء فيما عند الله يشجعهم، وأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم دائم الاتجاه إلى ربه، ورويت عنه في هذه الواقعة عدة أدعية نبوية مفوضة ضارعة، تكررت فكانت الاستجابة كما قال تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.

وكان من دعائه في هذه الشدة ما رواه الإمام أحمد أنه قال: «اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا» ، ومن دعائه ما رواه الإمامان مسلم والبخارى «اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب اهزم الأعداء، اللهم اهزمهم وزلزلهم وانصرنا عليهم» .

ومن دعائه ما رواه البخارى عن أبى هريرة أنه كان يقول: «لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، وأعز عبده، وغلب الأحزاب وحده، فلا شيء بعده» .

وقد استجاب الله تعالى لرسوله، ومن أحق بالاستجابة من الرسول، والدعاء عبادة، وأى عبادة أطهر وأنقى وأخلص من عبادة الرسول.

أرسل الله عليهم ريحا صرصرا عاتية في يوم برد شديد البرودة، وأرواح الله الطاهرة تبث الرعب في نفوسهم، وفسد ما بينهم وبين أنفسهم، فتخاذلت غطفان عن قريش، وتظننت قريظة فيها وتظننوا فيها بل روى أنهم أرسلوا إلى الرسول يطلبون إليه الصلح على أن يرد بنى النضير إلى أرضهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>