للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد قال الله تعالى فى ذلك الجمع الحاشد: وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ، وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ. رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ، وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ، فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ. لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ، وَلا عَلَى الْمَرْضى، وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ، إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ، تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ. إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ، وَهُمْ أَغْنِياءُ، رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ» (التوبة: ٨٦: ٩٣) .

وقبل أن يسير الجيش الكبير كان بعض البكائين من الأنصار الذين لم يجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما يحملهم عليه- وقد وجد من يعينه، فابن يامين بن عمير بن كعب لقى اثنين منهما وهما يبكيان، فقال ما يبكيكما، قالا جئنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فلم نجد عنده ما يحملنا عليه وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج، فأعطاهما ناضحا له فارتحلاه.

وإن بعضهم، وهو عطية بن زيد قد أخذ يعتذر إلى الله تعالى عن عدم خروجه، ويقول: «اللهم إنك أمرت بالجهاد، ورغبت فيه، ثم لم تجعل عندى ما أتقوى به، ولم تجعل فى يد رسولك ما يحملنى عليه، وإنى أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابنى فيها فى مال أو حد جسد أو عرض، ثم أصبح مع الناس» .

[المسير]

٦٤٢- أخذ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فى السير بجيشه الذى بلغ نحو ثلاثين ألفا، وتبعه عبد الله بن أبى مع المنافقين وأهل الريب فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف، وما كان سيره ثم تخلفه إلا ليخذل المؤمنين ليثير الريب بعمله، كما أثاره بقوله.

وقد جعل على المدينة المنورة محمد بن سلمة الأنصارى.

<<  <  ج: ص:  >  >>