للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد دعا النبى صلّى الله عليه وسلّم فيما روى ابن نعيم قائلا: «الحمد لله الذى خلقني، ولم أك شيئا، اللهم أعنى على هول الدنيا، وبوائق الدهر، ومصائب الليالى والأيام، اللهم اصحبنى فى سفري، واخلفنى فى أهلي، وبارك لى فيما رزقتنى، ولك فأذلني، وعلى صالح خلقى فقومني، وإليك ربى فحببني، وإلى الناس فلا تكلني، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، أعوذ بوجهك الكريم الذى أشرقت له السماوات والأرض وكشفت به الظلمات، وصلح عليه أمر الأولين والاخرين أن تحل على غضبك، وتنزل بى سخطك، أعوذ بك من زوال نعمتك، وفجأة نقمتك، وتحول عافيتك، لك العتبى عندى خير ما استطعت، ولا حول ولا قوة الا بك» .

ومن قوله عليه الصلاة والسلام حين خرج من مكة المكرمة، ونظر إلى البيت «إنك لأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت» وإخراجهم كان بالأذى ومنع الدعوة.

بهذا الدعاء الضارع ابتدأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رحلته المباركة التى اتت أكلها للإنسانية كلها، لأنها كانت ابتداء عموم الدعوة.

وقد كانت فكرة الهجرة بعد العقبة الثانية وفى عامها، فقد انتهى الحج، وابتدأ التفكير فى الهجرة النبوية، وقد هاجر المؤمنون قبله، وقالوا إن هجرته عليه الصلاة والسلام لم تكن فى المحرم ولا فى صفر، ولكن قد ابتدأت، ولعلها ابتدأت مع ابتدائه، وقد وصلوا إلى المدينة المنورة فى الثانى عشر من ربيع الأول على أصح الروايات، وكانت فى يوم الاثنين.

ولقد روى الإمام أحمد عن ابن عباس قال: «ولد نبيكم يوم الاثنين، ونبيء يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وتوفى يوم الاثنين» .

[فى غار ثور:]

٣٢٥- كانت الهجرة هى النصر الأول، بل هى أعظم النصر، لأن النصر الذى جاء من بعدها كان ثمرة لها، فهى باب للفتح، ولقد عدها الله سبحانه وتعالى النصر الأول، وذكر محمدا صلّى الله عليه وسلّم وصاحبه فى غار ثور هذا، إذ قال الله تعالت كلماته: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ، إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ، إِذْ هُما فِي الْغارِ، إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ، إِنَّ اللَّهَ مَعَنا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ، وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها، وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى، وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «١» .


(١) سورة التوبة: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>