للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر ابن إسحاق كثيرين ممن نافقوا من اليهود الذين أظهروا الإسلام، وأخفوا عقيدتهم، وأكنوا الأذى للمسلمين، والكيد للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

كما ذكر من الأوس والخزرج من لف لف اليهود، وأظهر الإسلام، وكان كثيرون منهم من الخزرج، وعلى رأسهم عبد الله بن أبى سلول، وإليه كانوا يجتمعون، وهو الذى قال: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ (المنافقون- ٨) فى غزوة بنى المصطلق.

والنفر من منافقى الخزرج، وعلى رأسهم عبد الله بن أبى بن سلول هم يمالئون بنى النضير، ويدسون إليهم أنهم معهم عند ما خافوا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فنكثوا في أيمانهم وعهدهم الذى عاهدوه، وأرادوا معاونة المشركين، فقد أرسل إليهم ابن سلول وشيعته أنهم إن خرجوا يخرجوا معهم، عند ما حاصرهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في حصونهم، وأخذوا يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين، لقد قال ابن أبى والنفر معه: اثبتوا لئن أخرجتم لنخرجن معكم، ولا نطيع فيكم أحدا أبدا، وإن قوتلتم لننصرنكم، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى فيهم أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ، وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ، وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ، وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ. لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ... إلى أن قال الله سبحانه وتعالى في وصف ابن أبى ومن معه: كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ، فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ، إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (الحشر- ١١: ١٦) .

وكان المنافقون من بقية الأوس والخزرج واليهود يحضرون مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فيستمعون أحاديث المسلمين ويسخرون ويستهزئون، ويبثون الشك في قلوب المؤمنين بأوهام يذكرونها، وبأسئلة مشككة يستجوبون بها.

[إخراجهم من المسجد:]

٣٩٤- يقول ابن إسحاق: اجتمع يوما بالمسجد من المنافقين أناس فرآهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يتحدثون بينهم خافضى صوتهم، قد لصق بعضهم ببعض، فأمر بهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فأخرجوا من المسجد إخراجا عنيفا.

فكان المؤمن يأخذ برجل المنافق، فيسحبه سحبا، وأحيانا يجذب المؤمن المنافق، وينتره نترا شديدا ويلطم وجهه وهو يشيعه باللعنات قائلا له: «أف لك منافقا خبيثا، اخرج يا منافق من مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>