للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[انتشار الإسلام فى البلاد العربية]

٥٧٦- كان الإسلام ينتشر فى البلاد العربية قاصيها ودانيها، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم يرسل الدعاة، والناس منهم من يستجيب مؤمنا صادقا. فيهاجر إلى المدينة المنورة ليكون قوة مع قوة المؤمنين، ومنهم من يسلم، ويذعن مستسلما من أن يسكن الإيمان قلبه، وإن ذلك كان فى الأعراب الذين لم يخالطوا أهل الإيمان ولم يجاورهم، ولم يلتقوا بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم ليطلبوا منه، ولم يقرأوا القرآن الكريم مستمتعين بتلاوته، ولذلك قال الله تعالى فيهم: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا، قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا، وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا، وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ (١٤- الحجرات) .

وكان من الأعراب من ينتظر أيكون الغلب للمشركين أم لمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه فهم كانوا مذبذبين بين هؤلاء وهؤلاء، ومنهم من يبلغ به العناد فى الكفر أن يجيئوا إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مظهرين أنهم يطلبون الهداية فيرسل إليهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من يحفظهم القرآن الكريم ويعلمهم الإسلام فيغدرون بهم، ويقتلونهم. كما قتلوا طائفة من القراء بلغوا سبعين. ومنهم من كانوا يأخذون المؤمنين ويبيعونهم للمشركين، كما فعل مع خبيب وأصحابه الذين باعوهم لأهل مكة المكرمة. وقتلوهم قتلة فاجرة. فكان الحق أن يقول الله تعالى: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ (٩٧- التوبة) وكان هذا النوع من النفاق الأعرابى متغلغلا فى الصحراء وحول مكة المكرمة. وحول المدينة المنورة ذاتها، فقد قال تعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ، وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ، سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (١٠١- البقرة) . ولقد قسم الله تعالى الأعراب قسمين متعادلين أولهما منافق جلى النفاق يحسب الزكاة مغرما ومنهم من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويتخذ ما ينفق قربات، ولقد ذكر سبحانه وتعالى القسمين فقال تعالت كلماته وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً، وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ، أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٨، ٩٩: التوبة) وهكذا كان فى الأعراب المؤمن الطاهر، والمنافق.

ومن هؤلاء المنافقين كانت الردة التى أعقبت وفاة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وكان انتشار الإسلام بين الأعراب على هذا النحو الذى بينه الله تعالى فى كتابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>