للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لقاء أهل مكة المكرمة به لاستمالته:]

٢٣٩- عن جابر بن عبد الله فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر، فليأت هذا الرجل الذى فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وعاب ديننا، فليكلمه ولينظر ماذا يريد عليه، فقالوا فيما بينهم: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة، فندبوه لذلك، وقالوا له أنت يا أبا الوليد، وكان بينهم سيدا حليما، ويروى أنه هو الذى عرض عليهم أن يذهب للقاء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال لهم: يا معشر قريش:

ألا أقوم إلى هذا الرجل، فأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها، ويكف عنا؟ قالوا: بلى يا أبا الوليد.

وسواء أكان هو الذى انتدب لهذا أم ندبوه فقد ذهب إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وعرض عليه ما يظنه كافا له عن متابعة الدعوة إلى الحق.

قال عتبة: يا ابن أخى، إنك منا حيث قد علمت من السّطة فى العشيرة، والمكان فى النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت الهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من ابائهم، فاسمع منى حتى أعرض عليك أمورا تنظر فيها، لعلك تقبل منها بعضا.

فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: قل يا أبا الوليد أسمع.

قال ربيعة: يا ابن أخى. إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا، حتى تكون أكثرنا مالا.

وإن كنت تريد شرفا سودناك علينا، حتى لا نقطع أمرا دونك.

وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا.

وإن كان هذا الذى يأتيك رئيا تراه، لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا، حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل، حتى يتداوى منه.

فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعد أن فرغ عتبة: «أفرغت يا أبا الوليد» قال: نعم.

قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: اسمع مني. قال: أفعل، فتلا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حم. تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «١» ومضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرؤها مرتلا تاليا.


(١) سورة فصلت: ١- ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>