ومر بجارية وكان عمر فى أيام شركه معذبها لتترك الإسلام، فيضربها حتى يمل. فيتركها ملالة لا شفقة. فابتاعها أبو بكر وأعتقها «١» .
ويروى أنه نزلت فيه هذه الايات: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى.
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى.
وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى. إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى. وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى. فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى. لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى. الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى. وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى. الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى. وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى. إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى.
وَلَسَوْفَ يَرْضى «١» .
[ال ياسر رضى الله عنهم وغيرهم:]
٢٥٣- هو بيت أسلم كله، وامن بالله سبحانه وتعالى، وفيه ضعف من المال والجاه وناله ضعف الرق. فرأس الأسرة ياسر، وهو أبو عمار، عذب، وأمه سمية، عذبت، وذهب الفجور بأبى جهل إلى أن يضربها برمح فى بطنها فماتت. فكانت أول شهيد فى الإسلام مات فداء لدينه.
وحمل عمار أشد العذاب، وقبله طيبا راضيا، ولقد مر به النبى عليه الصلاة والسلام وهو يعذب، فقال: صبرا أبا اليقظان، ثم قال: اللهم لا تعذب أحدا من ال عمار بن ياسر.
وكان ال مخزوم يعذبونهم اذا حميت الظهيرة، يعذبونهم برمضاء مكة المكرمة، وقد مر النبى عليه الصلاة والسلام بهم، وهم يعذبون، فقال عليه الصلاة والسلام: صبرا ال ياسر، فإن موعدكم الجنة.
ولقد كانوا أحيانا ينالون منهم حتى يفتنوهم عند دينهم، فينطقون بكلمة الكفر تحت ضغط العذاب، ولقد شددوا العذاب على عمار، وما تركوه حتى نال من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وذكر ذلك لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم؛ فبين له عليه الصلاة والسلام ألامؤاخذة على من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان.
ولقد ذكر سعيد بن جبير أنه سأل عبد الله بن عباس: أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما يعذرون به فى ترك دينهم، قال: نعم، إنهم كانوا يضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوى جالسا من شدة الضرب الذى نزل به حتى يعطيهم ما سألوه
(١) أخبار عتق هؤلاء بعمل الصديق أخذناه من سيرة ابن هشام ج ١ ص ٣١٧، ٣١٨، ٣١٩