عنيفة قوية، أراد أن ينعم النظر فيما عرض له من حال؟ أيخرج منها، وما السبيل؟ أم يمضى، فاعترته حيرة، كانت هادية موجهة، إذ هداه الله تعالى إلى الإسلام.
[اسلام عمر]
٢٣٦- كان الإسلام ينمو ويزيد، وإذا كان قد ابتدأ بالضعفاء، وقل فيه الكبراء فقد أخذ عدد الأقوياء يكبر، وإن كان العدد فى ذاته لا يزال قليلا، فقد دخل أقوياء، يرفعون العبء قليلا عن الضعفاء.
دخل أولا حمزة، ولأول مرة فى تاريخ الإسلام يضرب أبو جهل فوق رأسه حتى يشج، ويثور له بعض قبيله، فيتصدى لهم رجل قوى الشكيمة عزيز الجانب، حتى يتعلم أبو جهل الحكمة ساعة من زمان، فيدعوهم إلى أن يتركوا حمزة، ولعله دعاهم إلى أن يقوا أنفسهم شر ضربات حمزة.
لم يذكر كتاب السيرة تاريخ إسلام حمزة، وإن ادعى بعضهم أنه كان قريبا من اسلام عمر أى أن إسلام عمر كان بعده بقليل، واسلام عمر كان فى السنة السادسة من البعثة! لأنه كان بعد الهجرة إلى الحبشة. وإن كتاب السيرة كانوا يعنون بذكر الوقائع بروايات صحيحة، وإن كانوا لا يذكرون تاريخها إلا إذا اقترنت بواقعة مشهورة، كما اقترنت واقعة خروج المؤمنين هاربين بدينهم إلى الحبشة بإيمان عمر بن الخطاب.
كان عمر فاروق الإسلام شديدا علي المسلمين قبل إسلامه، لا يجد سبيلا لإيذائهم إلا سلكه، ولكنه في طبيعته إدراك صحيح إن ضل يرشده، وفيه طبع رحيم إن قسا، فظهر الألم يؤذيه ذلك كما يؤذي من نزل به.
ولعل أقوى حادثة هزته، أنه رأى المؤمنين يهاجرون فرارا بدينهم من إيذائه هو وأشباهه، فلفتته هذه الهجرة عما كان فيه من غى، وما عليه المؤمنون من رشاد.
روى ابن إسحاق عن بعض اللائى أخذن الأهبة للهجرة وهى أم عبد الله بن خثعمة أنه راها عمر بن الخطاب، فسألها عن مخرجها، فقال اسفا: إنه للانطلاق يا أم عبد الله. قالت: نعم والله لنخرجن فى أرض الله، اذيتمونا، وقهرتمونا، حتى يجعل الله لنا مخرجا، فقال.. صحبكم الله، قالت:
ورأيت والله فيه رقة لم أكن أراها، ثم انصرف وقد أخذنا فيما رأى خروجنا، فجاء عامر ابنها، فقالت له: لو رأيت عمر انفا ورقته، وحزنه علينا، قال: أطمعت فى إسلامه قلت نعم، قال لا يسلم إلا اذا أسلم حمار الخطاب، وما قال ذلك إلا يأسا لما كان يرى من غلظته.