للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويضرب الله تعالى الأمثال من قوم نوح، وعاد وثمود، وقوم إبراهيم، وأصحاب مدين والمؤتفكة، فإن هؤلاء كفروا برسلهم، وكان النفاق والمنافقون من ورائهم، والنفاق غذاء الجحود، إذ يدفع الجاهلين إلى الكفر والعناد.

وفى مقابل ما توعد الله به المنافقين كان وعد الله تعالى للمؤمنين.

[جهاد النفاق والكفر:]

٧٠٣- إذا كان النفاق يفعل فى الجماعات ذلك الفعل، فإن جهاده يكون فى مرتبة جهاد الكفر، بل يكون قبل جهاد الكفر، وذلك لأن الكفر لا يستغلظ سوقه إلا بالنفاق، والمنافقون هم الذين يفسدون العقول فيصورون الحسن قبيحا والقبيح حسنا، ولذا أمر الله تعالى نبيه الكريم، وأمته فقال تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ، وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ

(التحريم)

ويبين سبحانه وتعالى ما يفعله المنافقون فى الجماعات الإسلامية، ووجوب جهادهم، وذلك الجهاد يكون بألا يسمع لقولهم، ولو كانوا يحلفون، فذلك دأبهم يقولون وينكرون ما يقولون، ويحلفون أنهم ما قالوا. ومن جهادهم أن يكشف أمرهم، ومن جهادهم أن يحذر منهم، ومن جهادهم ألا نخوض فى خوضهم، ومن جهادهم ألا نمكنهم من الجماعات الإسلامية.

وقد ذكر سبحانه أمارات النفاق أو بعضها، وأولها الكذب، وثانيها نقض العهد، والشح على الخير، ويقول سبحانه وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ، وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ. فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ. فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ، وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ.

أى أنهم فى نفاق مستمر، نافقوا عندما أعطوا العهد، ولما اختلفوا زاد نفاقهم بسبب أنهم يكذبون، ويكذبون على الله سبحانه وتعالى، وهو يعلم سرهم وما يتجاوبون به بينهم، وأن المرء إذا سار فى الشر أوغل فيه، وكلما سار زاد فسادا.

وإنهم لا يكتفون بأن يشحوا على الخير، بل يتجاوزون ذلك إلى أن يلمزوا فى القول موهنين شأن الذين يتصدقون الصدقات المفروضة ويتطوعون بأكثر مما فرض، وهكذا يكون أهل الخير فريسة أهل النفاق، يصغرون، ويهجنون ما يكون منهم، ويستضحكون من أعمالهم. ولكن فَلْيَضْحَكُوا، قَلِيلًا، وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (التوبة)

<<  <  ج: ص:  >  >>