وقد بين الله تعالى للأمة كلها مصارف الصدقات، حتى لا يمارى منافق وليطمئن كل مؤمن، وقد وزعها سبحانه وتعالى توزيعا فيه التكافل الاجتماعى الكامل.
والمنافقون يؤذون النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ويؤذون كل داعية للخير، لأنهم والخير نقيضان، إذا كشف أمرهم لا يقولون كشف الله تعالى سرهم، بل يقولون إن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، يسمع أخبارهم، ويتعرف أسرارهم، وأن له من يسعى عليهم، ويقول سبحانه وتعالى فى ذلك:
«ومنهم الذين يؤذون النبى، ويقولون هو أذن، قل أذن خير لكم، يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين، ورحمة للذين آمنوا منكم، والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم» .
والمنافق دائما كثير الحلف بالله لضعفه النفسى، إذ النفاق منشؤه ضعف النفس لا مجرد إرادة النفع، فهو يحلف لستر موقفه، ولأنه مهين يريد رضا من ينافق معهم، ويخشى أن ينفضح سره، ويعرف أمره.
وإنهم مع كفرهم، وعدم إذعانهم للحق لفرط ضعفهم، يخشون أن تنزل سورة تكشف حالهم يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ، قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ
ومع هذا الهلع من أن يكشف سترهم يحادون الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، ويستهزئون بايات الله تعالى، ويتخذونها فى مجامعهم هزؤا وسخرية، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ، إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ
والمنافقون أشرار قد استمكن الشر فى نفوسهم، لأن الكتمان تفرخ فيه الرذائل، والضوء يكشفها، ولأن محاولتهم ستر أحوالهم، توقعهم فى رذائل مترادفة رذيلة بعد رذيلة وكل واحدة تجر أختها، حتى يستمرئوا الشر، ويكون دينهم، ويختم الله على قلوبهم فلا يصل إليها خير، ولا ينضح منه ومن اللسان إلا الشر، ولذلك قال الله تعالى: الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ، وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ، فَنَسِيَهُمْ، إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ
وقد بين سبحانه وتعالى عقابهم، وأنه عقاب الذين من قبلهم، وكانوا أشد قوة، واستمتعوا بالشر، ونالوا من الدنيا، وخاضوا فى أهل الإيمان مثل الذى خاضوا.