للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الواقدى في تاريخ هذه السرية، والعلم بالعير «كان خروج زيد بن حارثة في هذه السرية في مستهل جمادى الأولى على رأس ثمانية وعشرين شهرا من الهجرة (فى السنة الثالثة) وكان رئيس العير صفوان بن أمية، وكان سبب بعثة زيد بن حارثة أن نعيم بن مسعود قدم المدينة المنورة ومعه خبر هذه العير، وهو على دين قومه، واجتمع بكنانة بن أبى الحقيق في بنى النضير، ومعهم سليط بن النعمان، فشربوا فتحدثوا بشأن العير ... فخرج سليط من ساعته، فأعلم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فبعث من وقته زيد بن حارثة، فلقوهم فأخذوا الأموال، وأعجزهم الرجال وإنما أسروا رجلا أو رجلين، وقدموا بالعير، فخمسها، فبلغ خمسها عشرين ألفا، وقسم أربعة أخماسها على السرية. وكان فيمن أسر الدليل فرات ابن حيان، فأسلم رضى الله عنه، وأن هذا الخبر، يعين الوقت، ويذكر طريق العلم بهذه العير.

وإنى أرى خبر نعيم الذى وصل إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم في حينه كان من أحد طرق المعرفة، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقظا عالما بما تفعل قريش من أوقات متاجرهم وخروجها إلى الشام، وميقاته، وخروجها إلى اليمن وميقاته، فقد كانوا يألفون مواعيد معلومة يعدون فيها المتاجر، والله سبحانه وتعالى قد أعلم بما يألف قريش، فقال: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ. رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ. فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ. الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (سورة قريش) .

فالنبى لابد أن يكون بفراسة المؤمن يعلم أنهم سيخرجون في ذلك الوقت وأنهم إذا لم يمروا به، فإنهم لابد أن يمروا بطريق آخر، وهو طريق العراق، فجاء الخبر متفقا مع ما نحسب أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد حسبه والله أعلم.

[كعب بن الأشرف اليهودى]

٤١٠- هذه حال فردية ولكنها ذات صلة بسير الحروب، بين أهل مكة المشركين والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وما كان يقوم به اليهود في هذه المعارك آحادا وجماعات من تحريض للمشركين وتخذيل للمؤمنين، وبث روح التردد والهزيمة في أهل المدينة المنورة، وإثارة الحروب في مكة المكرمة، وكلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله سبحانه وتعالى.

وكان كعب بن الأشرف يقوم في ذلك بأعمال خطيرة، تؤجج النيران ضد المؤمنين، وكعب من طييء، وأمه من بنى النضير، وظاهر حاله أنه لم يدخل في عهد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولم يقف من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ولا المؤمنين موقف المسالة، أو يعتزل، فلم يكن مع هؤلاء وأولئك، بل أظهر العداوة، وعمل تحت سلطانها، وبدا ذلك فيما يأتى:

<<  <  ج: ص:  >  >>