للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم بلال الحبشي، وكان مولى لبعض المشركين عذبوه، حتى اشتراه أبو بكر وأعتقه.

ومنهم ياسر وعمار ابنه، وأمه، وقد كان ياسر من عرب قحطان من مذحج، وعمار ابنه كان مولى لبنى مخزوم، لأن أمه سمية كانت مولاة لهم، فولدته على الرق، والمولود على الرق يتبع أمه فى رقها، ولا يتبع أباه فى حريته، وكذلك كان نظام الرومان فى الرق الذى سرى إلى العرب.

ومنهم خباب بن الأرت، وغيره من الضعفاء الذين سارعوا إلى الإسلام وقد سارعوا إلى خير الدنيا وخير الاخرة، وإذا كانوا قد أوذوا ابتداء، فقد نالوا الخير انتهاء، وكما قال الله تعالى وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ، وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ «١» .

وقد دخل الإسلام بيوتا كثيرة فما من بيت إلا علم بأمر دعوة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، وإذا كان العدد قليلا فى ذاته، فإنه ما خلا بيت من بيوت مكة المكرمة من مسلم، أو من قلب مال إليه، وأحس أهل الشرك بأن دولة الأوثان تؤتى من قواعدها، وأن الأحجار أخذت تفقد سيطرتها. ومن استمر متمسكا فعن أرب يريده باسمها، لا عن إيمان بها، فإنه كان يكفى أن يدعو محمد صلّى الله عليه وسلّم إلى الحى القيوم الذى لا شريك له، حتى تزايلت الأوثان عن مكانتها، وما هو إلا تفكير يسير حتى زالت الأوهام، وصارت أحجارا لا تتجاوز أنها أحجار، ومن تمسك بها فهو غير مؤمن أو سادر فى غلواثه.

[الاسلام يخرج إلى القبائل:]

٢٢٤- من وقت أن أمر الله نبيه بأن يصدع بأمر به، وقد أخذ يلتقى بالجموع، فيغشى الأسواق داعيا، ويدخل النوادى صادعا بأمر ربه، ويقف فى مناسك الحج داعيا القبائل عندما يجد سميعا، والاحاد يذاكرهم، يسألونه فيجيبهم بما يوحى به الله تعالى فى سماحة صاحب الدعوة، وبإشراق نور النبوة حتى أصبح حديث القبائل التى تفد إلى بيت الله تعالى حجيجا أو معتمرين، أو تجارا مضاربين، ووجد من القبائل من صغت أفئدتهم إلى الإسلام، يستمعون دعوته، ويؤمنون بواحدانيته، ولعل من أدلة وصول الدعوة إلى القبائل إسلام أبى ذر الغفارى، وإسلام ضماد من أزد شنوءة.

روى البيهقى فى إسلام أبى ذر الغفارى أنه قال (أى أبو ذر) : أتيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقلت: السلام عليك يا رسول الله أشهد ألاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فرأيت الاستبشار فى وجه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.


(١) سورة القصص: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>