ولذلك بعث النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من بعد ذلك بعلى بن أبى طالب فلما دنا من الجمع اليمنى المسالم، وإن لم يكن قد دخل كله فى الإسلام، وقد خرجوا فلم يقاتلهم ولم يدعهم إلى الإسلام بالقول، بل برسالة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، فصف من معه من المسلمين صفا واحدا، ثم تقدم فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
بعد قراءته كتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أسلمت همذان كلها.
وهذا ما جاء فى صحيح البخارى.
وفى الحق أنه قد جاء فى أخبار الوفود كلام لم تثبت صحته، فقد قيل إن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كلف همذان بقتال ثقيف، وهذا غير معقول فى ذات نفسه؛ لأن ثقيفا بالطائف وهمذان باليمن، ولأن ثقيفا كانت قد أسلمت برسالة وفدها، وهدمت اللات طاغيتهم.
وفى الحق أن تاريخ قدوم الوفود على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يدون بدقة.
[قدوم وفد دوس]
٦٦٩- قدم وفد دوس على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يجاهد فى خيبر فهو لم يقدم عليه فى السنة التاسعة التى توصف بأنها عام الوفود، والدعوة إلى الإسلام عن طريقهم. وكان على رأس هذا الوفد المسلم الطفيل بن عمرو الدوسى. وقد أسلم والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يهاجر إلى المدينة المنورة، وأمره النبى صلى الله تعالى عليه وسلم على قومه دوس يدعوهم إلى الإسلام فأسلم بعض عشيرته الأقربين، ولم يجيء إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم موفدا من قومه المسلمين إلا بعد ذلك فى السنة السابعة وهو فى خيبر، ولقد أسهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لهم فى الغنيمة، لأنهم اشتركوا فيها.
وقصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسى ودعوته لقومه، ثم امتناعهم، ثم إسلامهم يحكيها رضى الله عنه، فلنتركه يحدثنا بها، إذ كان قد قدم مكة المكرمة وكان رجلا شريفا لبيبا، مستقيم النظر فأحاطت به قريش تمنعه من أن يستمع إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وتقول له: إن كلامه كالسحر يفرق بين الرجل وولده وأبيه وزوجه.
أصاخ إلى كلامهم، ويقول فى ذلك «فو الله ما زالوا بى، حتى حشوت فى أذنى حين غدوت إلى المسجد كرسفا، فرقا من أن يبلغنى شيء من قوله فغدوت إلى المسجد فإذا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قائم يصلى، فقمت قريبا منه، فأبى الله تعالى إلا أن يسمعنى بعض قوله. فسمعت كلاما