للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدأ القلوب فى الصباح، وصدأها فى الظهيرة، وفى الأصيل وفى العشية، كما قال الله سبحانه وتعالى:

فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَعَشِيًّا، وَحِينَ تُظْهِرُونَ فالصلاة فى أوقاتها مطلوبة فى ذاتها وفى الوقت تطهيرا للنفس، وإزالة لصدئها، ولا تترك حتى يعلوها الصدأ ويتراكم فلا يزال، ولا يصلح ذلك الإثم إلا التوبة.

ونحن نرى أنه لا بد من التوبة، وقد يجدى القضاء مع التوبة، والله تعالى غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا، ثم اهتدى.

[تحريم المتعة في خيبر]

٥٤٧- جاء فى تاريخ الحافظ ابن كثير: وقد تكلم الناس فى الحديث الوارد فى الصحيحين عن طريق الزهرى عن عبد الله والحسن ابنى محمد بن الحنفية عن أبيهما عن على بن أبى طالب رضى الله تبارك وتعالى عنهم أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية. هذا لفظ الصحيحين عن طريق مالك وغيره عن الزهرى، وهو يقتضى تحريم نكاح المتعة يوم خيبر، وهو مشكل فى وجهين: أحدهما: أن يوم خيبر لم يكن ثم نساء يستمتعون بهن، إذ قد حصل الاستغناء، بالسبايا عن نكاح المتعة. الثانى: أنه قد ثبت فى صحيح مسلم عن الربيع بن ميسرة عن معبد عن أبيه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أذن لهم فى المتعة زمن الفتح، ثم لم يخرج من مكة المكرمة حتى نهى عنها، وقال: «إن الله تعالى حرمها إلى يوم القيامة» فعلى هذا يكون قد نهى عنها، ثم أذن فيها ثم حرمت فيلزم النسخ مرتين، وهو بعيد، ومع هذا فقد نص الشافعى على أنه لا يعلم شيئا أبيح ثم حرم، غير نكاح المتعة، وما حداه إلى هذا إلا الاعتماد على هذين الحديثين.

إن هذا الذى ساقه الحافظ ابن كثير يدل على أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم نهى عن المتعة فى خيبر، وما أقامه من إشكال لا يرد الحديث الصحيح الذى أجمع عليه الشيخان.

فالإشكال الذى ساقه بتوافر السبايا فى خيبر يدل على النهى ويؤكده، ولا ينقضه، لأنه حيث توافرت السبايا لا يكون شكوى من العزوبة، فلا يكون للمتعة موضع، فلا يكون إذن، فهو موثق للتحريم وليس بناقض له.

أما الإشكال الثانى: فقد رده هو بتكرار الإذن، ثم تكرار النهى، وكونه بعيدا فى نظره يرد كلام الشافعى رضى الله تعالى عنه، وإذا كان بعيدا، فإنا نرجح حديثا أجمع عليه الشيخان على حديث انفرد به أحدهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>